الصحافة _ كندا
يبدو أن “الطريق السيار المائي” الرابط بين سد وادي المخازن وسد دار خروفة بإقليم العرائش، لم يتحول بعد إلى منبع للحياة كما أُريد له، بل صار في الآونة الأخيرة مصدراً لصراع سياسي خفي بين قيادات حزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، كشف عنه تأجيل مراسيم تدشين المشروع لثلاث مرات متتالية، في مشهد يعكس أزمة تقاطع المصالح الحزبية أكثر مما يعكس تنسيقا حكوميا متماسكا.
وبحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فإن سبب التأجيل المتكرر لا يرتبط بأشغال المشروع التي انتهت فعلياً منذ أسابيع، بل بالخلاف القائم حول من يحق له قيادة لحظة التدشين السياسية. فوزير التجهيز والماء نزار البركة، الذي يعتبر إقليم العرائش معقله الانتخابي، يُصرّ على الإشراف شخصياً على حفل التدشين، في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لتعزيز حضوره الميداني قبيل الاستحقاقات التشريعية لـ2026.
في المقابل، يتمسك حزب الأحرار، عبر وزير الفلاحة أحمد البواري، بأحقية الإشراف على العملية، بحجة أن تمويل المشروع تم بالكامل من ميزانية وزارة الفلاحة، وهو ما دفع رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى التدخل شخصياً، مطالباً بحضور البواري ضمن الوفد الرسمي للتدشين، مما زاد من حدة التوتر بين الطرفين.
مصادر من داخل الحكومة كشفت أن اجتماعات داخلية شهدت سجالاً حاداً بين الوزيرين، بلغ حد التراشق السياسي غير المعلن، خاصة بعد أن أعاد البركة تذكير البواري، أمام الحاضرين، بملف الدعم الممنوح لـ”الفراقشية”، ما اعتُبر تلميحاً مباشراً إلى خروقات محتملة في تدبير الدعم الفلاحي.
ويبدو أن خلفيات هذا التوتر لا تقف عند حدود التدشين الرمزي، بل تتجاوزها إلى صراع أعمق على النفوذ في منطقة الشمال، حيث يشعر حزب الاستقلال، وفق مصادر برلمانية، بوجود “حرب ناعمة” تشنها بعض قيادات حزب الأحرار لإضعاف حضوره الميداني. وقد تمثّل ذلك في رفض رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، عمر مورو، الحضور إلى نشاط رسمي أشرف عليه البركة مؤخراً، رغم توجيه الدعوة له.
وبينما يُفترض أن يكون المشروع المائي خطوة استراتيجية لحل أزمة المياه وتثمين الموارد المائية في المنطقة، تحوّل إلى مرآة عاكسة لصراع حزبي صامت، تُغلب فيه الحسابات الانتخابية والمصالح السياسية الضيقة على منطق الخدمة العمومية والتكامل المؤسساتي.
