الصحافة _ كندا
قدم عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، اعتذارًا علنيًا وصريحًا لأسرة المحاماة المغربية، معترفًا بإمكانية وقوعه في خطأ مسّ كرامة المهنة أو مكانتها، ومشددًا على أن علاقته بالمحامين ليست علاقة سلطة، بل علاقة انتماء ووفاء.
وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر الوطني الثاني والثلاثين لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، المنعقد بمدينة طنجة، قال وهبي: “إذا أخطأت في حقكم في يوم من الأيام، فأنا أعتذر… كل المواجهات التي جرت بيننا لم تنل مني، لأنني في النهاية منكم وأنتم مني، أنا جزء من عائلتكم”. وأضاف بنبرة وجدانية: “ربما لا تدركون ثقل هذه اللحظة على قلبي، فقد اشتقت للحديث إليكم، من القلب إلى القلب، بعد كل ما حدث”.
وفي خطاب امتزجت فيه السياسة بالعاطفة، أبرز الوزير أن المناصب زائلة، أما المحاماة فباقية، معترفًا بأن الصراعات السابقة حول قوانين مهنية حارقة، مثل مشروع قانون المهنة والمسطرة المدنية، كانت ضرورية لتقاطع الرؤى وليس لتقاطع الودّ. وتابع: “أنتم جزء من الدولة، وليس خارجها. أنتم الضامنون الحقيقيون لحقوق المواطنين، ومكلفون بصيانة شروط المحاكمة العادلة باسم الدولة”.
وأشاد وهبي بتاريخ جمعية هيئات المحامين، معتبرًا أنها ليست مجرد مؤسسة مهنية، بل قوة فكرية ووطنية ساهمت في الدفاع عن الحقوق داخل المغرب وخارجه، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وأكد أن للمحاماة المغربية دورًا سياسيًا وأخلاقيًا أصيلًا، يُعبّر عن عمق التجربة الديمقراطية للبلاد.
وفي سياق حديثه عن التحولات التكنولوجية، حذر الوزير من تحديات المستقبل، متسائلًا بقلق: “هل يمكن استبدال المحامي بكائن آلي؟ هل نترك الذكاء الاصطناعي يتحكم في مصائر الناس؟”. في إشارة واضحة إلى أن التحديات القادمة تتطلب يقظة مهنية وتشريعية مضاعفة.
وبخصوص قانون المهنة، أكد وهبي أنه لم يكن في يوم من الأيام مشروعًا مفروضًا من وزير، بل مشروع دولة يهمه شخصيًا كمحام قبل أن يكون وزيرًا، مشيرًا إلى أنه خاض أكثر من ثلاثين اجتماعًا في سبيل هذا النص، وأن النقاش حوله علّمه الكثير، قائلا: “عندما تكون خارج موقع القرار تظن الأمور بسيطة، لكن في موقع المسؤولية تفهم المعنى الحقيقي للصراع والتوافق”.
وفي ختام مداخلته، دعا الوزير إلى تجاوز لحظات التوتر والانتصار لروح الزمالة، لأن التحديات التي تنتظر المحاماة المغربية – على حد تعبيره – أكبر من أي خلاف، وتتطلب وحدة صفّ واستحضار مشترك لقيم المهنة ورسالتها المجتمعية.