الصحافة _ كندا
مرة أخرى، يؤكد الملك محمد السادس أن حماية المصالح الحيوية للمغاربة لا يمكن أن تظل رهينة التدبير البيروقراطي أو الحسابات السياسية الضيقة. ففي المجلس الوزاري المنعقد يوم الإثنين 12 ماي 2025، جاء التوجيه الملكي الصريح بشأن ملف إعادة تكوين القطيع الوطني ليُسجّل منعطفاً حاسماً في طريقة إدارة هذا القطاع الحساس.
الملك لم يكتف بالاستماع إلى عرض وزير الفلاحة أحمد البواري حول وضعية الموسم الفلاحي، بل طرح أسئلة دقيقة حول تأثير التساقطات الأخيرة، وحول الإجراءات الحكومية المتعلقة بتحسين أوضاع الكسابين. ولأن الجواب لم يكن كافياً على ما يبدو، جاءت التوجيهات الملكية واضحة: عملية إعادة تكوين القطيع وتدبير الدعم المرتبط بها يجب أن تُنفذ وفق معايير موضوعية، وتحت إشراف السلطات المحلية أي وزارة الداخلية.. وبصيغة أخرى لجان ميدانية بعيدة عن المركز، قريبة من واقع الناس.
لم تكن هذه أول مرة يتدخل فيها الملك لتصحيح مسار قطاع استراتيجي. لكنه هذه المرة لم يوجه اللوم، بل سحب الملف بالكامل من يد من عجزوا عن معالجته بفعالية. الرسالة إلى رئيس الحكومة ووزيره في الفلاحة وصلت، مضمونها أن الملفات المرتبطة بمعيش المواطنين لا يمكن أن تُدار بنفس منطق التسيير الإداري البطيء، ولا وفق علاقات النفوذ التي كانت تتحكم في توزيع الدعم وتحديد المستفيدين.
المغزى واضح: المطلوب اليوم ليس فقط دعم القطيع، بل إعادة الثقة في آليات الدعم، وضمان أن يصل إلى مستحقيه دون تمييز أو وساطة. والسبيل إلى ذلك هو إشراك الفاعلين الميدانيين، ومراقبة دقيقة للتنفيذ، وتحييد أي جهة لم تثبت نجاعتها.
هكذا ينتصر الملك مرة أخرى للمغاربة، عبر قرار عملي وحازم. لا شعارات، لا وعود، بل توجيه مباشر يعيد ترتيب الأدوار ويمنح الأولوية لمن يستطيع أن ينجز على الأرض، لا لمن يُتقن لغة البلاغات.