الصحافة _ كندا
تعيش وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات على وقع عاصفة من الانتقادات البرلمانية والمساءلات السياسية، وسط تنامي الشكوك بشأن نزاهة وشفافية تدبير الدعم العمومي وتفجّر ملفات متلاحقة تكشف عن ثغرات هيكلية وممارسات ريعية تهدد واحداً من أهم القطاعات الاستراتيجية في الاقتصاد الوطني.
ففي أحدث تحرك سياسي، وجه فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب سؤالاً كتابياً إلى الوزير أحمد البُواري حول ما وصفه بـ**“الفساد المستشري” في قطاع الصيد البحري**، واستنزاف الثروة السمكية في ظل صمت رسمي غامض، محذراً من تحوّل البحر إلى ملكية خاصة تقتات منها أقلية، بينما تستمر أسعار السمك في الارتفاع الجنوني، حيث بلغ سعر السردين الشعبي أكثر من 30 درهماً للكيلوغرام.
وفي نفس السياق، فجّرت قضية الشعير المدعم موجة سخط جديدة، بعدما كشف رئيس الفريق الحركي إدريس السنتيسي عن وجود شبهات تزوير وتلاعب في لوائح المستفيدين، متحدثاً عن إدراج أسماء لا تستوفي الشروط أو تسجيل مواطنين دون علمهم، مطالباً بفتح تحقيق فوري حول هذه الاختلالات التي ضربت مصداقية برامج الدعم في الصميم.
ولم يكن ملف دعم استيراد الأغنام واللحوم الحمراء أفضل حالاً، فقد أثار تضارب التصريحات الحكومية حول الغلاف المالي المخصص للعملية، بين رقم 13 مليار درهم المصرّح به من طرف نزار بركة، ورقم 300 مليون درهم المعلن من رئيس مجلس النواب، قبل أن تخرج وزارة الفلاحة ببلاغ متأخر لتؤكد أن الكلفة الحقيقية لا تتجاوز 437 مليون درهم موزعة على سنتي 2023 و2024. هذا التناقض زاد من حدة المطالب البرلمانية بإحداث لجنة لتقصي الحقائق حول تدبير المال العام.
ووسط هذه الأجواء المتوترة، انفجر جدل جديد حول ارتفاع أسعار زيت الزيتون، حيث استغرب برلمانيون من استمرار الحكومة في تصدير آلاف الأطنان نحو الأسواق الأوروبية، في الوقت الذي يعاني فيه المواطن المغربي من أسعار فلكية تجاوزت 110 دراهم للتر، ما اعتبره النائب محمود عبا “انحرافاً خطيراً في أولويات السياسة الفلاحية”، خاصة بعد تسجيل واردات المغرب من الزيوت الأوروبية بأكثر من 12 مليون يورو، دون أثر ملموس على الأسعار الداخلية.
أمام كل هذه الوقائع، يجد الوزير الجديد نفسه في قلب إعصار سياسي وشعبي لا يهدأ، وسط تصاعد الأصوات المطالبة بتطهير الوزارة من شبكات المصالح والمحاسبة الجادة لكل من يثبت تورطه في سوء التدبير أو خيانة الأمانة.
فهل تنجح هذه الموجة من المساءلة في تفكيك منظومة الريع داخل القطاع الفلاحي؟ أم أن الدعم سيظل سلعة انتخابية تُباع في السوق السوداء للسلطة والنفوذ؟