الصحافة _ كندا
تشهد الساحة السياسية المغربية مؤشرات متزايدة على توتر داخل الأغلبية الحكومية، توحي بأن السباق نحو انتخابات 2026 قد بدأ مبكرًا، قبل أن تكمل الحكومة ولايتها. فبين التصريحات المتبادلة والاتهامات الضمنية، يبدو أن التحالف الثلاثي الحاكم بدأ يفقد تماسكه، ويعيش لحظة تصدع سياسي مبكر.
آخر مظاهر هذا التوتر جاء من داخل بيت الأغلبية نفسه، حيث لم يتردد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، في إطلاق تصريحات قوية ينتقد فيها طريقة تدبير دعم استيراد الأغنام والأبقار خلال السنة الماضية، متحدثًا عن دعم عمومي ضخم استفاد منه 18 فاعلًا فقط، بكلفة تناهز 1.3 مليار درهم.
هذه التصريحات، التي فسرت على أنها تلميح إلى شبهات ريعية، لم تمر مرور الكرام، إذ سارع راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب وقيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، إلى الرد، مفندًا الأرقام ومتهمًا بركة بالمبالغة، مؤكدًا أن الدعم لم يتجاوز 300 مليون درهم، وأن عدد الموردين يفوق 100.
وراء هذا السجال، يقرأ محللون مؤشرات عن بداية حملة انتخابية مبكرة داخل مكونات التحالف نفسه. عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية، يرى في تناقض التصريحات دليلاً على غياب رؤية موحدة، وغياب الانسجام داخل الأغلبية، معتبراً أن “توزيع الدعم بشكل غير شفاف يعكس كسلًا تدبيريًا وشرعنة للريع”.
ويضيف اليونسي أن حزب الاستقلال يُمارس اليوم نفس ما قام به “الأحرار” خلال حكومتي العدالة والتنمية، أي معارضة من داخل الحكومة، وهو سلوك يضرب مبدأ التضامن الحكومي في العمق.
في السياق ذاته، يرى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية، أن الاختلاف في طبيعة الحقائب الوزارية بين الأحزاب الثلاثة يجعل من الحكومة مجالًا مفتوحًا للمزايدات السياسية، حيث يحتكر حزب الأحرار الحقائب الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة على الرأي العام، ما يجعله في الواجهة سواء في النجاح أو الفشل.
وبحسب بوخبزة، فإن ما يجري حاليًا من تصريحات ومواقف هو بداية لحملة تموقع انتخابي مبكرة، الهدف منها تحصين الأحزاب من التبعات السلبية المحتملة لأداء الحكومة، وخلق مسافة سياسية بينها وبين القرارات غير الشعبية، في وقت يبدو فيه أن حزب الاستقلال بدأ يغير من أسلوبه التقليدي المحافظ، نحو الاشتباك الكلامي والمواجهة السياسية المفتوحة.
ويبدو أن “حكومة المونديال” ستواجه تحديًا مزدوجًا في الشهور المقبلة: الحفاظ على وحدة الصف داخل الأغلبية من جهة، والتعامل مع الضغط الشعبي والملفات الاقتصادية والاجتماعية الثقيلة من جهة أخرى، وسط صراع خفي على من سيكون في مقدمة المشهد بعد 2026.