الصحافة _ كندا
في عملية نوعية جديدة، نجح المكتب المركزي للأبحاث القضائية في تفكيك خلية إرهابية خطيرة، تضم 12 متهمًا تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا، بايعوا تنظيم داعش الإرهابي وكانوا بصدد التخطيط لتنفيذ عمليات دموية تستهدف استقرار المغرب. هذا الإنجاز الأمني أعاد النقاش إلى الواجهة حول ضرورة التصدي للفكر المتطرف بآليات متجددة وشاملة.
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والشأن الديني، إدريس الكنبوري، أن هذه الاعتقالات المتكررة تُبرز مدى يقظة الأجهزة الأمنية المغربية وكفاءتها العالية في التصدي للتهديدات الإرهابية قبل تنفيذها، مؤكدًا أن المغرب يُعد هدفًا مستمرًا لهذه التنظيمات الإرهابية بسبب موقعه الاستراتيجي ونظامه السياسي المستند إلى الشرعية الدينية.
ويُضيف الكنبوري أن المغرب كان دائمًا في مرمى التنظيمات الإرهابية، خاصة منذ بروز تنظيم داعش سنة 2014، حيث حاولت هذه الجماعات استهدافه لزعزعة استقراره، في وقت كان يشهد فيه هدوءًا نسبيًا مقارنة بالاضطرابات التي عصفت بالمنطقة خلال ما يسمى بالربيع العربي. لكنه شدد على أن محاربة الفكر المتطرف ليست عملية أمنية فقط، بل تتطلب مواجهة فكرية عميقة ومستمرة تشمل التربية، التعليم، الإعلام، وتجهيز النخب الدينية والثقافية لمجابهة هذا المد الأيديولوجي الخطير.
وأكد الباحث أن الاقتصار على المقاربة الأمنية لا يكفي للقضاء على التطرف، موضحًا أن المواجهة الأمنية تُحقق نتائج فورية، بينما تتطلب المواجهة الفكرية وقتًا أطول، لأنها تتعلق بتغيير القناعات وإعادة تشكيل العقول. وضرب مثالًا بأوروبا، التي رغم ترسانتها الأمنية الضخمة وتعاونها الاستخباراتي المتقدم، لا تزال تواجه تهديدات إرهابية متكررة، مما يؤكد أن الإرهاب معركة طويلة الأمد لا تنتهي باعتقال مجموعة من المتطرفين، بل تستوجب رؤية أعمق لمعالجة جذوره الفكرية.
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية أن المغرب راكم تجربة كبيرة في مكافحة الإرهاب، بفضل استراتيجية استباقية فعالة ترتكز على تحييد الخطر قبل تحوله إلى تهديد مباشر. ووفق تقرير رسمي، فقد تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية منذ سنة 2002 من تفكيك أكثر من 200 خلية إرهابية، كانت تنشط إما داخل البلاد أو على ارتباط ببؤر التوتر العالمية، خصوصًا في منطقة الساحل والصحراء وسوريا والعراق.
هذا النجاح الأمني المتواصل يُبرز أهمية العمل الاستباقي الذي يعتمده المغرب، لكن في الوقت نفسه، يُعيد طرح التساؤل حول ضرورة تكثيف الجهود في الجانب الفكري والثقافي، لضمان مواجهة شاملة ومستدامة لهذا التهديد الذي لا يزال يطل برأسه بين الفينة والأخرى، متربصًا بأمن واستقرار البلاد.