الصحافة _ جمال اسطيفي*
يحفل تدبير شأننا الكروي بالكثير من التناقضات، وثمة بون شاسع بين ما يردده المسؤولون وما يتم تنزيله على أرض الواقع.
في المغرب يمكن لجامعة كرة القدم أن تصرف ما يقارب 4 ملايير سنتيم، وتحديدا 3 ملايير و852 مليون سنتيم، من أجل تنظيم السوبر الإسباني بين البارصا واشبيلية، علما أنها نظمت قبل ذلك السوبر الفرنسي، كما نظمت مباراة ودية بين باري سان جيرمان وأنتر ميلان، لكن هذه الجامعة عاجزة إلى اليوم عن تنظيم سوبر مغربي يجمع بين حامل لقب البطولة والفائز بكأس العرش، يكون بمثابة إشارة الانطلاق للموسم الكروي.
في المغرب يمكن أن يقولوا لك إن الهدف من المنتخب المحلي هو أن يكون خزانا للمنتخب الأول، وأن يهيئ لاعبين بمقدورهم حمل قميصه، لكن عندما تطلع على لائحة المنتخب المحلي، ستجد أن هناك عددا من اللاعبين تجاوزوا الثلاثين سنة، وبأعمار تفوق بعض لاعبي المنتخب الأول، ومع ذلك هناك من يقول دون خجل إن هذا المنتخب خزان للأول.
كيف يكون الأمر كذلك، وهناك شيوخ في هذا المنتخب يشاركون في تصفيات مسابقة ليس فيها الحد الأدنى من التنافسية، علاوة على تأثيرها الكبير على مجريات البطولة، إذ تحرم فرقا من لاعبيها، وتساهم في بعثرة أوراق البرمجة، مع العلم أن الفوز بلقب النسخة الماضية لم يقدم الكثير سواء للاعبين أو لكرتنا.. كل ما قدمه نفخ في لقب دون قيمة، ودر للرماد في العيون، لأن الألقاب التي يراهن عليها المغاربة هي “الكان” ومختلف مسابقات الفئات العمرية المعترفة بها من طرف الفيفا والمؤهلة لكؤوس العالم أو الألعاب الأولمبية.
في المغرب يكثر الحديث عن ضرورة الاستفادة من أخطاء الماضي، وإيلاء الاهتمام للبطولة، لكن على مستوى الواقع، فإن المنتخبات الوطنية تلتهم أزيد من ربع ميزانية الجامعة، بينما منحة الفائز بلقب البطولة لا تتجاوز 300 مليون سنتيم، وهو مبلغ لايرقى حتى إلى تعويضات أعضاء اللجان القضائية التابعة للجامعة التي تصل سنويا إلى 725 مليون سنتيم.
في المغرب يتحدثون عن تطوير نظام المنافسة، وعن ضرورة الحد من التلاعبات ومحاولات تفويت نتائج المباريات، لكن الجامعة هي أكبر من يشجع على ذلك، لأنها لم تشأ أن تغير نظام الهبوط، إذ أن فريقين فقطا ينزلان في نهاية الموسم، وأحيانا يتم التعرف عليهما بشكل مبكر، مما يفتح الباب أمام اتهامات بتلاعبات خطيرة، ونتائج مشكوك في صحتها، كما حدث في المواسم الخمس الأخيرة وقبلها أيضا.
في المغرب ترفع الجامعة عقيرتها عاليا وهي تتحدث عن تكوين اللاعبين والمدربين، لكن في الواقع جميع المدربين أو اللاعبين السابقين الذين يتقدمون لنيل الديبلومات يحصلون عليها، وتصل نسبة النجاح إلى مائة في المائة، وهو رقم لا يمكن أن تجد له مثيلا في العالم المتقدم، فإما أن مدربينا ولاعبينا السابقين نوابغ، وإما أن الذين يشرفون على هذه الدورات التدريبية بدون ضمير، وإما أن هناك تدخلات من هذه الجهة أو تلك..
في مشهدنا الكروي أيضا يكثر الحديث عن الحكامة وترشيد النفقات، لكن جامعتنا الموقرة لا تتردد في تعيين طواقم خاصة لكل المنتخبات الوطنية وعددها 11، ولا تتردد في أن تمنح بعض المحظوظين امتيازات خيالية، كما هو الحال مع الفرنسي باتريس بوميل المساعد السابق لهيرفي رونار، والذي “يلهف” شهريا 55 مليون سنتيم، دون أن تكون له سيرة ذاتية أو إنجازات تشفع له بالحصول على هذا المبلغ الذي جعل منه أغلى مساعد مدرب في العالم.
في مشهدنا الكروي أيضا قد تجد أن المساعد الثاني لمدرب المنتخب الأول قد عمل إلى جانب ثلاثة مدربين وهم بادو الزاكي وهيرفي رونار ووحيد خاليلوزيتش، ورغم أن الإسمين الأولين وجها له اتهامات مباشرة في تصريحات صحفية، بينما عبر الثالث عن رغبته في عدم العمل إلى جانبه، فإن المعني بالأمر ونقصد هنا مصطفى حجي مازال جاثما على الأنفاس، كما لو أن المنتخب الوطني ملكية خاصة له..
#جمال_اسطيفي: صحفي بجريدة المساء