الصحافة _ كندا
في ظل النقاش المتصاعد حول وضعية قطاع سيارات الأجرة، أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين أن هناك مشاكل كبيرة تعيق تدبير هذا المجال، مشددًا على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة تتماشى مع التحولات التكنولوجية، خاصة في ظل التأثير المتزايد للتطبيقات الذكية على المنظومة الحالية للنقل.
ويأتي هذا النقاش في وقت تتزايد فيه مطالب المهنيين بإصلاحات جذرية، لا سيما مع اقتراب تنظيم تظاهرات عالمية كبرى مثل كأس العالم 2030، وهو ما يفرض تحديات حقيقية أمام الحكومة لتحسين جودة النقل العمومي، وضبط استخدام التطبيقات الذكية لضمان استفادة المواطن من خدمات نقل منظمة وذات جودة عالية.
اعتبر مصطفى الكيحل، الكاتب العام للنقابة الديمقراطية لمهني النقل، أن طرح وزير الداخلية لموضوع قطاع سيارات الأجرة يعكس حجم الإشكاليات العميقة التي يعاني منها، مشيرًا إلى أن تصريحات الوزير كانت بمثابة اعتراف بمطالب المهنيين الذين ظلوا يستنكرون الفوضى التي يشهدها القطاع. رغم ذلك، رأى الكيحل أن تصريحات الوزير لم تقدم إجابات واضحة بشأن الحلول المرتقبة، مما يطرح تساؤلات حول الجهة التي سيتم التفاهم معها لإصلاح القطاع، هل ستكون الحكومة أم المهنيون أنفسهم؟
وأكد أن التطبيقات الذكية فرضت نفسها كواقع جديد، لكن إدراجها ضمن منظومة النقل دون احترام الضوابط القانونية يثير رفض المهنيين. وأوضح أن قطاع سيارات الأجرة يخضع لأحكام قانونية صارمة تحددها السلطات المحلية، مستندًا في ذلك إلى الظهير الشريف رقم 1.63.260، الذي ينظم النقل عبر السيارات ويعاقب بموجب الفصل 24 على تقديم خدمات النقل خارج الإطار القانوني. كما شدد على أن مفهوم “الطاكسي” يظل معتمدًا عالميًا، ويمكن تحديثه بدل إلغائه، تمامًا كما تسعى الحكومة إلى تحديث قطاع النقل الحضري من خلال اقتناء حافلات جديدة.
وفيما يتعلق بمطالب المهنيين بخصوص تنظيم عمل التطبيقات الذكية، أشار الكيحل إلى أنه لم يتم التشاور مع النقابات حول هذا الموضوع، وأن حديث وزير الداخلية عن الحاجة إلى التفاهم يؤكد أن النقاش لم يكن مفتوحًا مع الفاعلين المهنيين. وأضاف أن الوزير اعترف في البرلمان بأن عمل التطبيقات الذكية يتم حاليًا خارج الإطار القانوني، مما يستدعي تنظيمها وفق ضوابط واضحة، بحيث لا تعمل إلا ضمن منظومة سيارات الأجرة المرخص لها قانونيًا.
وبخصوص الإجراءات المطلوبة، يرى الكيحل أن وزير الداخلية أمام خيارين رئيسيين لحل الأزمة. الخيار الأول يتمثل في إصدار قرار إداري ملزم ينهي حالة الفوضى، على أن يتضمن دفتر تحملات واضحًا يحدد حقوق والتزامات المهنيين، ويضع حدًا لنظام المأذونيات “الكريمات” الذي يشجع على الريع، مما يسمح للسائقين المهنيين بالحصول على حقوقهم كاملة وفق شروط قانونية واضحة تشمل التطبيقات الذكية، نوعية السيارات، وآليات الدعم الحكومي لتحديث الأسطول. أما الخيار الثاني، فيتمثل في إصدار قانون جديد ينظم القطاع بشكل شامل ويعرض للنقاش في البرلمان، مع إشراك النقابات المهنية لضمان تمثيل مصالح جميع الأطراف.
وتساءل الكيحل عن بعض القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة الداخلية، خاصة المذكرة الوزارية رقم 750 لسنة 2022، التي تسمح بتوريث المأذونيات بعد وفاة أصحابها بدل البحث عن حلول عادلة لهذه الإشكالية، مما يعكس استمرار الريع في القطاع وتهميش السائقين المهنيين. وأكد أن الوزارة كان عليها إصدار مذكرة تضمن استمرارية عمل السائقين المهنيين دون قيد أو شرط، في انتظار اعتماد قانون شامل ينظم القطاع بعدالة.
وفي ختام حديثه، شدد الأمين العام للاتحاد الديمقراطي المغربي للشغل على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة من قبل وزير الداخلية بدل الاكتفاء بالتصريحات والمذكرات التوجيهية، معتبرًا أن الإصلاح الحقيقي يتطلب مقاربة شاملة تجمع بين تحديث خدمات النقل، توفير وسائل متطورة، وضمان حقوق المهنيين. وأكد أن قطاع سيارات الأجرة يجب ألا يظل في حالة من التعقيد والفوضى في وقت تعمل فيه الحكومة على تطوير قطاع النقل الحضري، مشددًا على أن المهنيين ينتظرون أجوبة واضحة من الوزارة حول مستقبل القطاع.