الصحافة من الرباط
بعد أسبوع من انطلاق مشاورات التعديل الحكومي الذي دعا إليه الملك محمد السادس -في خطاب العرش الفائت، بدأت العديد من المعطيات تتسرب من خفايا اللقاءات الثنائية المغلقة بين سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، و الأمناء العامون للأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية الحالية، لاسيما تلك المعطيات المتعلقة بالتوجهات الكبرى التي يريد العثماني أن يخرج بها الحلة الحكومية الجديدة.
مصادر عليمة، أكدت لجريدة “الصحافة” الإلكترونية، أن الجولة الأولى من المشاورات انصبت أساسا في الحديث عن الهيكلة العامة التي ستخرج بها الحكومة الجديدة، دون الحديث عن الشخصيات المقترحة لهاته الوزارات، حيث جرى الاتفاق على التوجه نحو إحداث أقطاب كبرى للوزارات، و الاستغناء التام عن كتاب الدولة، بالإضافة إلى عدد من الوزراء المنتدبين، وهو ما يعني حدوث تقليص كبير في عدد وزراء حكومة العثماني.
و بخصوص أسماء الوزارات التي من المنتظر أن تعرف نقاشا مطولا، أفادت ذات المصادر أن هناك نقاشا محتدما حول مآل حقائب الصحة، والتعليم، والتجهيز، و الإسكان، ثم التعليم العالي الذي يتجه نحو استقلالية أكثر، فيما ستعرف كل من وزارات الصحة، و التعليم، و الشغل، و الثقافة والاتصال، و التجهيز، وحقوق الإنسان، و السياحة، و الصناعة التقليدية، والشباب والرياضة، تعديلا جوهريا.
ذات المصادر المقربة من دائرة نقاش التعديل الحكومي أسرت لجريدة “الصحافة” الإلكترونية، أن وزير الصحة أنس الدكالي صار في حكم المعدوم، خاصة وأن هذا الأخير دخل في صراع مباشر مع نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم و الإشتراكية، الذي يسعى بدوره للعودة لحمل حقيبة وزارية، كما أن حقيبة الصحة ظلت منذ مدة مطلبا لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يراهن على التعديل الحكومي من أجل الاستعداد الجيد للانتخابات التشريعية القادمة.
ليس وحده أناس الدكالي من صار في حكم المعدوم، بل حتى محمد يتيم، وزير الشغل الذي ظل يتعاطى ببرودة تامة مع عدد من الملفات الحساسة، وكذلك الأمر بالنسبة لأمزازي وزير التعليم الذي يعيش تحت ضغط قيادة الحركة الشعبية منذ مدة طويلة، الأمر ذاته بالبنسبة للوزير اعمارة الذي يحمل عداوة مع قيادة التقدم و الاشتراكية، وكذلك الحال بالنسبة لوزير الإسكان عبدالأحد الفاسي الفهري، الذي يجري النقاش حول ضم وزارته لوزارة الفلاحة.
النقاش الجاري وفق ذات المصادر يتجه كذلك نحو ضم وزارة الفلاحة والإسكان، و إعادة الثقافة و الاتصال إلى الناطق الرسمي باسم الحكومة، والاستغناء عن وزارة المجتمع المدني والعلاقة مع البرلمان لمحدودية الدور الذي تقوم به، فيما تتجه الأمور داخل حزب العدالة و التنمية إلى توسيع هامش استقلالية التعليم العالي، من خلال الدفع به نحو وزارة مستقلة أو وزارة منتدبة كما كان عليه الحال في الحكومة السابقة، و ذلك بالنظر لعدد الأوراش المفتوحة في مجال التعليم العالي، خاصة في شق بناء و توسعة الجامعات و الأحياء الجامعية، و تأهيل مراكز التكوين بمختلف أنواعها، و هي الوزارة التي تشير المعطيات إلى إبقائها تحت عهدة خالد الصمدي.
هذا و من المنتظر أن تعرف الجولات الجديدة تطورات مثيرة في الشق المتعلق بتحديد الكفاءات الجديدة التي ستؤثث فستان الحلة الحكومية الجديدة، و كذا المعيقات التي سيواجهها العثماني من أجل الإبقاء على تمثيلية معتبرة للنساء، خاصة في ظل الاستقطاب و التجاذب الحاد التي تعيش على وقعها الأحزاب المشكلة للحكومة الحالية.