كفاءات خارقة في الحكومة الجديدة!

8 أكتوبر 2021
كفاءات خارقة في الحكومة الجديدة!

بقلم: إسماعيل عزام

قطاع الصحة هو قطاع مصيري لكل دولة، وهو إلى جانب التعليم، أهم قطاع حكومي في نظري، لكن على الأقل عوض أن يُختار له مسؤول متفرغ، في المغرب يتّم تعيين نبيلة الرميلي وزيرة للصحة، وهي عمدة مدينة الدار البيضاء كذلك.

كيف يمكن لإنسان، مهما بلغت درجة كفاءته، أن يشرف على قطاع متهالك يحتاج تدخلا عاجلاً لإنعاشه، خصوصاً مع المشاريع الضخمة التي تعلنها الدولة لمحاولة إصلاحه، وفي الوقت نفسه، يشرف على عمودية أكبر مدينة مغربية، مدينة تملك من التحديات ما يحتاج أن تكون لها حكومة مصغرة خاصة بها؟

لكن لماذا الحديث مباشرة عن الرميلي، أليس رئيسها في الحزب، وفي الحكومة، عزيز أخنوش، هو الآخر يترأس المجلس الجماعي لأكادير؟ فهل سيضع الرجل الثاني في المملكة، رجلاً لتدبير ما يحتاجه المغاربة من خلال الحكومة، ورجلاً أخرى للتجاوب مع انتظارات سكان أكادير؟

كيف سيقوم بذلك؟ يجيب أحدهم أنه قد يستعين بتفويض بعض الاختصاصات لنوابه، لكن ما الداعي أصلا لترؤس جماعة مدينة إذا لن تكون حاضراَ فيها خصوصا مع ما ينتظرك من مهام حكومية ومع المسافة الكبيرة بين الرباط وأكادير؟ هل هناك ضعف في ما يعرف بحزب الكفاءات لدرجة الاضطرار للجمع بين المناصب؟

ولأن الأمثلة مستمرة، فمدينة مراكش، واجهة المغرب في العديد من الفعاليات الدولية، والمدينة السياحية الأولى، هي الأخرى عمدتها ستكون مشغولة للغاية من الآن فصاعدا، بعد تعيينها وزيرة لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، يعني أنه لديها نظرياَ أربعة قطاعات تشرف عليها في الوزارة، فضلا عن ترؤس جماعة مراكش. ما شاء الله!

وحتى يضمن حزب الأصالة والمعاصرة التساوي نظريا في هذا الجمع الخارق بين المهام، فأمينه العام، عبد اللطيف وهبي، الذي عيّن وزيرا للعدل، يرأس حاليا جماعة تارودانت، في إقليم يعاني الجفاف واستنزاف الفرشة المائية والبطالة.

لكن سي وهبي أكيد بدوره سيكون خارقاً وسيوّفق للجمع بين حقيبة العدل وتدبير المدينة، وربما هو الذي يملك حظا أكبر بين بقية العمداء-أعضاء الحكومة، فالعدل لا يحتاج بالضرورة لوزارة في البلد بعدما لم تعد النيابة العامة تحت إشراف الوزير، والدليل أن الوزير الاتحادي السابق محمد بن عبد القادر لا يتذكره المغاربة سوى بتقديمه قانون تجريم الدعوة للمقاطعة على الشبكات الاجتماعية.

وبما أن قوانيننا غريبة إلى حد الثمالة، فعمداء المدن الكبرى التي يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة، ممنوعون بحكم آخر التعديلات القانونية من عضوية مجلسي البرلمان، ولكنه بمقدورهم أن يكونوا أعضاءً في الحكومة! يعني أن عضوية البرلمان تحتاج نوعاً من التفرغ عكس عضوية الحكومة. ما شاء الله مجددا.

من الناحية القانونية يحق لأعضاء الحكومة وحتى لرئيسها ترؤس مجالس الجماعات. هذه ثغرة تُركت وتم استغلالها أفضل استغلال في عهد الحكومة الجديدة، بعدما كان الوزير عزيز الرباح عن حزب العدالة والتنمية، أشهر من استغلوها سابقا، والنتيجة يعرفها الكثير من القنيطريين، أن العمدة السابق لم يكن يولي المدينة ما تحتاجه من وقت بسبب انشغالاته في الوزارة.

ليس ضروريا أن نحتكم للقانون فقط، هناك ضرورة للاحتكام للمنطق وللأخلاق. الجمع بين تدبير المدن وعضوية الحكومة لا يؤكد سوى نظرية واحدة: هناك توجه للهيمنة السياسية على كل شيء.

وختاما.. ما شاء الله مرة أخرى على الكفاءات.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق