الصٌَحافة _ مصطفى طه
يعرف المجتمع المدني، على أنه ذلك الفراغ الذي تملؤه مختلف أنواع المؤسسات، التي لا تتبع للهيئة الحكومية في دولة معينة، والتي استطاع عدد من الأفراد المعروفين، بتفوقهم في مجالاتهم أو بميولهم التطوعي أو بأفكارهم المختلفة الإيجابية، الهدف من ورائها الإشراف عليها، خدمة للمجتمع وتنميته.
ويعتبر علماء الاقتصاد والاجتماع، العمل الجمعوي، هو ذلك النسق الثالث داخل المجتمعات، لما يقوم به، من مهام تنموية اقتصادية وإنسانية، حيث أصبح ينافس الأحزاب السياسية، في مشاريعها، ويشترك مع الدولة أو يتحمل جزءا من أعبائها، في مشاريع عديدة.
ويعمل المجتمع المدني، في إطار قانوني، المعمول به على أرض أي بلد، ومن أبرز أنواع المؤسسات، التي تندرج تحت مؤسسات المجتمع المذكور، نجد الأندية الرياضية، والملتقيات الاجتماعية، والنقابات المهنية، والهيئات والمنظمات التطوعية، والنقابات العمالية، والأندية الثقافية، والأحزاب السياسية، والعديد من المؤسسات الأخرى.
تتظافر الأفكار التي أسست، لقيام مؤسسات المجتمع المدني، مع المبادئ الإنسانية الأساسية، و مع المثل العليا، التي تحكم الجنس الإنساني، فكل ما يصدر عن هذه المؤسسات، يصب في اتجاه تحسين حياة الناس، و صيانة حقوقهم، و تعريفهم بواجباتهم، إلى جانب حفظ كرامتهم، و نشر القيم العليا بينهم، و من هنا، فإن أهداف إنسانية بلا شك، تعمل في مصلحة المواطنين، لا عكس، إلا في بعض الحالات المعينة، التي تكون فيها هذه المؤسسات، وبالا و نقمة على المجتمعات، و هي الحالات التي تبيع فيها هذه الجهات، مبادئها التي خلقت من أجلها، و التي ناضلت و كافحت بسببها، لقاء أجر زاهد من جهة معينة، هذا الجانب مع الأسف، يرتبط ببعض جمعيات المجتمع المدني بمدينة الدروة، التي وصل عددها إلى أكثر من 250 جمعية، على اختلاف أهدافها و أنشطتها، التي ظلت تفتقد المصداقية الإنسانية و الأخلاقية، و عجزت القيام بمهامها، ألا و هي، رصد اختلالات الشأن المحلي، و مراقبة عمل المجلس الجماعي، مع المشاركة و المساهمة في التسيير.
على الرغم من ذلك كله، ظلت هذه الجمعيات في المجمل، غير مستقلة عن الطرح السياسي، وغير حاضنة لكافة الجهود والقدرات الاجتماعية، وعاجزة عن مراقبة مؤسساتية فاعلة، لعمل المكتب المسير للشأن المحلي، التي تتعلق بالقضايا الحيوية، ولم يكن لها يوما، صوتا مسموعا، ولا أذان صاغية لدى المسؤولين الجماعيين، لماذا؟
لأنها ببساطة، ظلت حبيسة لسياسات وبرامج حزبية، ومصلحية ضيقة، لا تخدم الصالح العام، ولا تراعي المصلحة المشتركة، بالإضافة الى نهج سياسة الصمت، والتملق، والتذلل، الهدف من هذا الأسلوب اللا مسؤول، ليس سوى وسيلة، تجسيد للأجنحة السياسية، تتحكم في قرارات هذه الجمعيات، ويوجهونها حسب الأوامر الحزبية، والرهانات السياسية، وكذلك وسيلة لبعض ما يسموا بالناشطين الجمعويين، من أجل الانتفاع المعنوي والمادي، والمصلحة الشخصية.
ساكنة مدينة الدروة تتساءل اليوم، هل مازال المجتمع المدني المحلي أداة للمزايدات السياسية الضيقة؟ هل عرفت بنيتها وأداؤها تطورا نوعيا، في ضوء التغيرات التي يشهدها المغرب؟ هل مازال المجلس الجماعي يتحكم فيها؟ التباس وغموض، يصب في مجمله في ملعب بعض الجمعيات بالمدينة، وعن عدم القدرة على اثبات الذات، كفعاليات جمعوية، تهتم بمشاكل الصالح العام المحلي، سعيا منها، لتنميته ومساهمة منها في تقدمه، بالإضافة إلى رصد المخالفات، والتجاوزات التي يشهدها، التراب المحلي.