الصٌَحافة _ محمد السموني
يبدو أن الجناح الحقوقي لحزب الاتحاد الاشتراكي (المنظمة المغربية لحقوق الإنسان)، أصبح يسيطر على أغلب المناصب “الحقوقية” في البلد، فبعد تعيين أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عيّن الآن الصديق منير بنصالح، وهو أيضا عضو سابق في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، كما أنه وللمفارقة فأن المستشار الملكي بدوره كان رئيسا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان قبل صعود بوعياش إلى رئاسة ذات المنظمة الحقوقية، وكذلك الوزير المنتدب لحقوق الإنسان فبدوره كان نائبا لرئيس ذات المنظمة، التي أصبحت خاوية على عروشها بعد انهيار “الروح” الاتحادية النقدية، وتقلد أغلب أعضاءها مناصب رسمية لها علاقة بالتمثيلية الديبلوماسي أو المجالس الحقوقية، وبتمثيلية صغيرة داخل هيئة الإنصاف والمصالحة، أو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وولاية المجلس الوطني لحقوق الإنسان السابقة، وهي السيرورة الطبيعية التي كانت موازية لمسلسل “إنهاك” الاتحاد الاشتراكي وانفصاله عن القوات الشعبية.
الملاحظة الأساسية في تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الجديدة، والتي عرفت هذه المرة، صعود أعضاء محسوبين على الصف الاتحادي وآخرين على حزب “البام” بقوة، مع غياب تام للأسماء المحسوبة على أكبر تنظيم حقوقي مغربي “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” وأيضا، وهذه المرة بشكل مفاجئ، غياب أي تمثيلية لمنتدى الحقيقة والإنصاف الذي لعب دورا كبيرا في عهد الراحل بنزكري، في تأسيس تجربة “الإنصاف والمصالحة”.
الترويج اليوم إلى كون تعيين منير بنصالح أمينا عاما لبوعياش في CNDH، كونه صعود شاب من حركة 20 فبراير إلى منصب المسؤولية، لا يخلو من غلو إعلامي مخدوم، لأن الانفتاح على شباب 20 فبراير أو اشراكه في تسيير الشأن العام، لا يبدأ من تعيين معزول في منصب أفرغ، بحسب القانون التنظيمي الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، من أي صلاحيات استراتيجية في موضوع حقوق الإنسان، وأصبح مجرد منصب إداري تدبيري جانب رئيس المجلس.
لكن مع ذلك يمكن لأمين عام المجلس أن يوفر رؤية ولو استشارية إلى جانب بوعياش، فمن الأمور التي مازالت ملحة ولم تقم بوعياش بأي خطوة فيها، نشر الخبرة الطبية التي أجريت في عهد سالفيها (اليزمي والصبار)، على معتقلي حراك الريف، وأثبتت في أغلبها وجود أثار التعذيب عليهم، فهل سيستطيع “ثنائي OMDH” اليوم إخراج هذا التقرير للعيان مع تقرير شامل يخص ملاحظة محاكمة نشطاء الحراك، خصوصا بعد صدور الأحكام الاستئنافية عليهم بتأييد الأحكام القاسية (ابتدائيا) وبالتالي انتفاء التحجج بعدم التأثير على المسطرة القضائية.
ثاني التقارير الأساسي الذي نُسي أو تم حجب الحديث عنه من النقاش العام، هي العمل على إخراج التقرير التكميلي لهيئة الإنصاف والمصالحة حول حالات الاختفاء القسري التي لم تكشف فيها الحقيقة كاملة بعد، بداية من ملف المهدي بنبركة والحسين المنوزي وآخرون…، وهو التقرير الذي كان قد صرح الأمين العام السابق للمجلس محمد الصبار عن قرب نشره، قبل أن تعين بوعياش ويجمد بدوره كما تم تجميد نشر تقرير الخبرة الطبية على معتقلي حراك الريف.
كما هل يستطيع صديقنا منير أن يقف أمام الآلة الجرارة التي تريد طمس أي خروقات قانونية في اعتقال الصحفي توفيق بوعشرين؟ ويقوم ولو بتأكيد تقرير اللجنة الأممية لحقوق الإنسان؟ وأيضا أن يعبر عن موقف حقوقي في قضية إعادة فتح ملف اغتيال آيت الجيد وفتح متابعة قضائية جديدة لعبد العالي حامي الدين، في سياق يشتم فيه الكثير من تصفية الحسابات السياسية، رغم أنه حصل من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة على مقرر تحكيمي يجبر ضرره وعوضه عن محاكمته في قضية “أحداث فاس” التي قتل فيها الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد سنة 1993؟
على العموم نتمنى التوفيق لبنصالح في مهمته من أجل تكريس البُعد الحقوقي، وليس التبريري، في القضايا الحارقة التي يعرفها المجتمع المغربي في الوقت الحالي، أو مواضيع أخرى ستظهر مع توالي الأيام.