الصحافة _ وكالات
وسط حالة من الصراع السياسي بين الأحزاب المغربية، قبل انتخابات شتنبر المقبل، أعلنت 3 أحزاب معارضة، تأجيل مؤتمر صحفي كان مقررا لإعلان تقديم طلب لحجب الثقة عن الحكومة برئاسة سعد الدين العثماني، أمين عام “العدالة والتنمية”.
الإعلان منتصف الأسبوع الماضي، جاء في بيان، لحزب “التقدم والاشتراكية” (12 نائبا من 395)، الذي كان سيستضيف المؤتمر في مقره بالعاصمة الرباط، بمشاركة حزبي “الأصالة والمعاصرة” (102) و”الاستقلال” (46).
تأجيل يطرح تساؤلات عن مدى جدية وإمكانية مثل هذه الخطوة، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية من جهة، ومتطلبات تمريرها الدستورية من جهة أخرى؟.
** رصاصة فارغة
رصاصة فارغة، وجزء من تسخينات تحضيرية للمشهد الانتخابي القادم، هكذا وصف محمد مصباح، رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات (غير حكومي)، إقدام المعارضة على التلويح باستخدام ورقة سحب الثقة من الحكومة.
وفي حديث للأناضول، اعتبر مصباح، هذا التحرك من قبل المعارضة “ما هو إلا محاولة تحريك المشهد السياسي قبيل الانتخابات”.
وأضاف: “عمليا لا أعتقد أن مثل هذا السيناريو ممكن أو مرجح في الفترة القادمة لعدة أسباب منها أن الحكومة شارفت على إنهاء ولايتها وإسقاطها سيخلق حالة من الفراغ المؤسساتي وهذا الأمر لا تريده الدولة في هذه المرحلة”.
وأردف: “بالرغم من إمكانية لجوء المعارضة إلى هذه الخطوة من الناحية الدستورية إلا أن هذا الأمر تحكمه حسابات أخرى تتجاوز الأحزاب، مرتبطة أساسا بالاستقرار السياسي وكيف تنظر الدولة للأحزاب”.
وتابع: “بناء على كل هذه الأسباب يمكن وصف هذه الخطوة بأنها مجرد روتين سياسي طبيعي وغير جدي يهدف إلى خلق تسخينات انتخابية”.
رأي يوافقه إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “سيدي محمد بن عبد الله” (شمال/ حكومية)، بقوله إن “المعارضة غير قادرة عمليا على مثل هذه الخطوة، ولا تملك مقومات تمريرها”.
يذكر أن الدستور المغربي يمنح أعضاء البرلمان حق تفعيل طلب حجب الثقة وإسقاط الحكومة بشرط توقيع هذا الطلب من جانب خمس أعضاء مجلس النواب (79 نائبا)، وتصويت المجلس بأغلبية مطلقة لصالح الطلب (50 بالمئة+1 أي 198 عضوا على الأقل) وهو ما لا تملكه أحزاب المعارضة مجتمعة.
وأضاف حمودي للأناضول: “عدم إمكانية اللجوء إلى هذه الخطوة يرجع أيضا إلى أن الظرفية الحالية لا تسمح، لأن الحكومة منشغلة بالإعداد للانتخابات التشريعية بعد 3 أشهر والإطاحة بها يعني توقيف الإستعدادات”.
واستدرك: “كما أن طبيعة النظام السياسي في المغرب لا تسمح بهكذا مبادرات دون ضوء أخضر منه”.
** محاولة ابتزاز
وعن سبب تلويح المعارضة بحجب الثقة عن حكومة العثماني، اعتبر حمودي، أن ذلك يرجع لسعيها إلى “ابتزاز حزب العدالة والتنمية حتى يتراجع عن موقفه الرافض لمشروع قانون تقنين القنب الهندي للاستعمالات الطبية”.
والأسبوع الماضي، حاز مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي (نبتة مخدرة) للاستعمالات الطبية على تأييد 119 نائبا ينتمون للمعارضة والأغلبية، مقابل رفض 48 نائبا من “العدالة والتنمية”، ممن حضروا جلسة التصويت.
وكان عبد اللطيف وهبي، أمين عام “الأصالة والمعاصرة” أكبر حزب معارض بالبلاد، تعهد بتقديم طلب لإسقاط الحكومة، إذا صوت نواب “العدالة والتنمية” ضد مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي.
أما عن تأجيل تقديم أحزاب المعارضة حجب الثقة عن الحكومة، فأرجعه المتحدث، إلى “تمرير مشروع قانون تقنين القنب الهندي في البرلمان، وبالتالي تراجعت المعارضة عن هذا التهديد”.
** ضرب لتماسك “العدالة والتنمية”
ويرى الأكاديمي المغربي، أن تلويح المعارضة باللجوء لسحب الثقة، كان يهدف أيضا لمحاولة عزل حزب “العدالة والتنمية” والتأثير على تماسكه ووحدته من خلال دفع قياداته للتصويت لصالح مشروع القانون، الذي ترفضه قواعد الحزب ونوابه.
وأردف: “وهي الوحدة التي ربما حافظ حزب العدالة والتنمية عليها عند تصويته بالرفض على مشروع القانون، خاصة مع بروز عدد من المواقف التي حذرت من التصويت عليه بالإيجاب”.
وكان من أبرز هذه المواقف، موقف عبد الإله بنكيران، أمين عام “العدالة والتنمية” السابق ورئيس الحكومة المغربية في الفترة بين 2011 -2016، الذي هدد بالاستقالة من الحزب حال صوت نوابه بالموافقة على مشروع القانون.
يذكر أن حزب “العدالة والتنمية” الذي يقود الحكومة لأول مرة في تاريخ المغرب لولايتين متتابعتين منذ عام 2011، يسعى إلى تعزيز وحدة صفوفه بعد عدة هزات سياسية تعرض لها، تحضيرا للانتخابات التشريعية والمحلية المزمعة في 8 سبتمبر المقبل.
المصدر: kesh24