بقلم: عبد الكبير طبيح
اثبت المغرب تفوق مؤسساته الاستخباراتية والأمنية على مثيلاتها الجزائرية والاسبانية، عندما كشف أمام العالم مناورة حكام الجزائر ومسؤولي الحكومة الاسبانية الرامية الى التستر على ادخال شخص متابع من قبل القضاء الاسباني بجرائم ضد الإنسانية. وذلك بهوية وبجواز سفر تعلم الحكومة الاسبانية انهما مزورين.
المغرب احتج على الحكومة الاسبانية لأنها سمحت لنفسها باستقبال شخص هو عدو للمغرب ومسؤول على قتل وتعذيب عدد من المغاربة. ليس فقط لكونها استقبلت الشخص المذكور، بل و كذلك لإن الحكومة الاسبانية استعملت تزوير وثيقة رسمية للدولة الجزائرية من اجل إخفاء هوية المسمى “غالي”، مع انها تعلم بكونه متابع بجرائم ضد الإنسانية أمام قضائها، وأن له ملفا مفتوحا أمام قاضي التحقيق الاسباني بشان الشكايات التي توصل بها.
أن احتجاج المغرب على تصرف الحكومة الاسبانية يجد سنده في الأعراف الديبلوماسية التي تلزم البلدان التي تعبر نفسها صديقة بان الا تستقبل فوق أراضيها اعداء الدولة الأخرى. وفي اسوء الحالات ان تخبرها بما ستقوم به وتشرح لها مبررات تصرفها بالوسائل الدبلوماسية.
علما أن العلاقة التي تجمع اسبانيا مع المغرب هي أعرق تاريخيا وأهم مصلحيا من علاقتها مع المسمى “غالي” ما يحوم حوله. لأن اسبانيا تعتبر الزبون الاقتصادي الأول للمغرب.
غير انه ظهر من الأحداث الأخيرة أن كل من حكام الجزائر والحكومة الاسبانية لا يعرفون أي شيء على المغرب ولا على مؤسساته ومنها على الخصوص مؤسساته الاستخباراتية والأمنية. وان محاولة ” استبلاد” المغرب بتزوير هوية المسمى ” الغالي” جعلتهم يتلقون من المغرب صفعة تاريخية لن ينسوها قط. بل من المفروض أن يحاسبوا عليها من قبل مواطنيهم وحقوقييهم وسياسييهم , وعلى الخصوص في اسبانيا الديموقراطية. أما حكام الجزائر فإننا ننتظر ان يصفوا ما قاموا به من تزوير لوثائق رسمية للدولة الجزائرية بكونه عمل بطولي للدفاع على الشعوب كما هي عادتهم.
وأن ما يزيد في خطورة فيما قامت به الحكومة الاسبانية وهي تستقبل شخصا مبحوثا عنه من قبل قضائها بخصوص جرائم ضد الإنسانية، أنها أمرت بوضع خاتم الدولة الاسبانية الذي يمثل سيادة الشعب الاسباني على جواز سفر تعلم بانه مزور.
وإن علم الحكومة الاسبانية بزورية هوية الشخص المذكور من جهة و زورية جواز سفره من جهة ثانية لا يمكن للحكومة الاسبانية ان تنكره. بل اعترفت به عندما ارادت ان تختفي وراء زعمها بكونها استقبلت المسمى ” الغالي” لأسباب صحية وصفتها بالانسانية. فسقطت في الاعتراف المزدوج بعلمها بالتزوير في هوية الشخص المذكور وعلمها بزورية جواز سفره. لأنها لو كان استقبالها له أسباب إنسانية فقط وليس مصلحية مع جهة ما , فلماذا لم تستقبله باسمه الحقيقي وبجواز سفره. إن كام له جواز سفر.
فما قامت به الحكومة الاسبانية يعتبر, من منظور القانون الجنائي الاسباني , انها ارتكت الجريمة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفقرة الثالثة من الفصل 451 من القانون الجنائي الاسباني. الذي ينص على عقوبة ما بين 6 اشهر و 3 سنوات في حق كل من ساعد شخص على الإفلات من البحث الذي تجريه السلطة او اعوانها، في الجرائم ضد الإنسانية والجنايات ضد الاشخاص و النزاعات المسلحة و الارهاب ….
وبما أن الأخبار التي وصلت أخيرا من الحكومة الاسبانية نفسها، تفيد بان القضاء الاسباني سيستمع للمسمى ” غالي” يوم 1 يونيو 2021 بخصوص الشكاية المقدمة ضده من أجل ارتكابه جرائم ضد الإنسانية المنسوبة اليه، فإن تلك الأخبار ذلك يعتبر حجه قوية:
1-على اعتراف الحكومة الاسبانية رسميا بكون المسمى “غالي” هو الذي استقبلته على التراب الاسباني وليس الشخص المذكور اسمه في جواز السفر الذي دخل به المسمى “غالي” الى اسبانيا من المطار الاسباني.
2-ان الحكومة الاسبانية وهي تعلم بكون الشخص الذي يقف امام الجمركي الاسباني بالمطار الاسباني ليس هو الشخص المذكور اسمه في جواز السفر, ومع ذلك وضع الجمركي الذي يمثل الدولة الاسبانية على ذلك الجواز المزور خاتم الدولة الاسبانية الذي يترجم السيادة الاسبانية.
إن وضع الحكومة لخاتم الدولة الاسبانية على جواز سفر وهي تعلم بانه مزور ولا يتعلق بالشخص الذي يحمله, يثبت عليها وعلى المسؤول الذي امر بذلك ارتكاب جريمة اخفاء شخص متابع بجناية وهي الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 451 من القانون الجنائي الاسباني. علما أن إخفاء شخص متابع بجناية يعتبر جريمة سواء في القانون الاسباني او في جميع القوانين في الدول الديمقراطية وكما هو الحال في القانون الجنائي المغربي.
لهذا فان الجميع ينتظر ما سيقوم به القضاء الاسباني. لأن هذا القضاء الاسباني اليوم , لم يضع يده فقط على مباشرة التحقيق مع المسمى ” غالي “. وانما وضع يده كذلك وأصبح يعلم بكون الحكومة الاسبانية اخفت عليه شخص متابع جنائيا امامه وذلك من أجل افلاته من البحث القضائي بعدما وضعت خاتم الدولة الاسبانية الذي يمثل السيادة الشعبية على جواز سفر تعلم بأنه لا يتعلق بالشخص المذكور فيه وإنما يتعلق بالمسمى “غالي”. أي أنه جواز مزور.
من حق المغرب اليوم أن ينتظر الموقف الذي سيتخذه القضاء الاسباني:
ضد من ساهم او شارك في اخفاء المسمى ” الغالي ” وهو متابع امام القضاء الاسباني.
ضد من زور واستعمل جواز السفر المزور الذي يحمله المسمى ” الغالي”.
ضد من أمر بوضع خاتم الدولة الاسبانية على جواز سفر مزور وهو عالم بالتزوير.
بل من حق المغرب ان يعرف كيف سيسلم للمسمى “غالي” الوثيقة القانونية التي ستسمح له بمغادرة اسبانيا. ما دام انه دخلها بوثيقة مزورة والتي من المفروض ان قاضي التحقيق سيحززها.
كما أن الحكومة الاسبانية توجد اليوم في ورطة أخرى مع قضائها تتمثل في كون المسمى “غالي” يوجد فوق التراب الاسباني كمهاجر سري, لأنه دخل الى اسبانيا بجواز مزور. ويترتب قانونا على ذلك ما يلي:
1- أن القضاء الاسباني يفرض عليه القانون الاسباني ان يحجز جواز السفر المزور.
2- أن القضاء الاسباني يفرض عليه القانون الاسباني أن يطبق على المسمى ” الغالي” القانون الذي يطبق على المهاجرين السريين , أي ان ترحله الى ( بلده ) .
وبما أن بلد المسمى “غالي” الوحيد هو المغرب، ما دام ان هذا الأخير ليس له أي بلد آخر معترف به من لا من قبل الأمم المتحدة ولا حتى من الدولة الاسبانية. فإن الحكومة الاسبانية بتصرفها الذي لم يكن المغرب ينتظره, وضعت القضاء الاسباني كذلك في ورطة.
لهذا عندما اكد المغرب على ان الحكومة الاسبانية إذا ما سمحت بخروج المسمى” غالي” بنفس الطريقة التي دخل بها أي بطريقة تزوير الوثائق , سيكون تصرفها اكثر خطورة ، لان المغرب استحضر الوضع القانوني الذي يوجد فيه المسمى ” غالي” اليوم بإسبانيا كمهاجر سري دخلها بجواز سفر تعلم الحكومة انه مزور.