الصحافة _ وكالات
“المغرب ليس لديه مشكلة مع الاتحاد الأوروبي، بل لديه مشكلة مع إسبانيا حول مسألة تمس مصالحه العليا، فإسبانيا خلقت أزمة من خلال القيام بأفعال ويتعين عليها تسوية هذه الأزمة؛ وإيجاد الحل.. لا يمكنك أن تخطط ليلا خلف ظهر شريك، وأن تطلب منه في اليوم التالي أن يكون مخلصا لأولويات إسبانيا وأوروبا..”. هذا آخر تصريح قوي ورسالة بليغة إلى الجارة الاسبانية خرج به وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، للحديث عن توتر العلاقة بين المغرب وإسبانيا.
وفي قراءته لمستقبل العلاقات بين البلدين على ضوء المعطيات الحالية، يقول عبد الفتاح الفاتيحي، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، “اليوم المملكة المغربية في حاجة إلى علاقة تعاونية وتشاركية مع اسبانيا والاتحاد الأوروبي مبنية على الندية والواقعية والوضوح”.
وأضاف الفاتيحي، في تصريح لموقع القناة الثانية، أن “هذه الأزمة الدبلوماسية مع اسبانيا تعكس رغبة المغرب في أن يكون هناك تعديل في وجهة نظر بخصوص الاتفاقيات المبرمة معه فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والهجرة والتعاون القضائي وأيضا العلاقات التجارية، خاصة أن المغرب قد استنفد مرور عشر سنوات على صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي”.
وتابع المتحدث ذاته، أنه “مقابل هذا النجاح المحقق على مستوى هذه الصفة، والتي كان المغرب كان وفيا لالتزاماته وتعهداته، أوروبا لم تستوعب ولم تراع المجهودات القوية التي قامت بها المغرب لحماية أوروبا من مجموعة من الاشكاليات المتعلقة بالهجرة السرية وجرائم الاتجار بالبشر فضلا عن التعاون القضائي ومكافحة الارهاب”، موضحا “أن العديد من الدول الأوروبية استفادت من عدة معلومات قدمتها المخابرات المغربية والتي حيدت عبرها أوروبا مجموعة من العمليات الإرهابية”.
“اسبانيا لم تقدر الكلفة السياسية والاقتصادية والقانونية التي يتحملها المغرب في مراقبة الحدود”، يقول الخبير ذاته، ثم اعتبر أن “التعاون بين المغرب وأوروبا في كلفته المادية ضعيف جدا مقارنة بالحمولة الكبيرة والمجهود الذي يقوم به المغرب”، مضيفا، أن “المملكة تعد دولة العبور ومستهدفة بتداعيات الهجرة والتي تحتاج إلى إعادة النظر في تدبيرها بطريقة شاملة وعلى أوروبا أن تدرك أن قضايا الهجرة واللجوء هي مسألة كونية”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن “أوروبا تميل بالظهر للمملكة المغربية فيما يخص القضايا الاستراتيجية كقضية الصحراء، ولذلك المغرب يوجه رسائل قوية إلى إسبانيا وألمانيا وإلى الاتحاد الأوروبي ويدعو في دعوة صريحة إلى إعادة النظر، خاصة أن المغرب أصبح قويا بالموقف الأمريكي واعترافه بسيادة المغربية على صحرائه”.
وأشار إلى أن “في الوقت الذي تسعى فيه اسبانيا إلى أن تبقى شراكتها مع المغرب قوية يجب أن يقابلها سلوك واضح يُبين بأنها بصدد التعاطي مع المغرب كدولة شريكة ولا تعمل على توجيه خطاب مزدوج”، وزاد مفسرا أن “اسبانيا حاليا في محك حقيقي إما أن تكون معاملاتها واضحة مع المغرب فيما يخص القضايا الاستراتيجية أو أن تختار التعاون مع خصوم الوحدة الترابية”.
وتابع المتحدث ذاته، أن “المغرب لن يتراجع عن خطوته مع اسبانيا إلا إذا اتضحت العلاقة بين البلدين على أسس جديدة؛ لذلك سيواصل المزيد من الضغط من أجل إجراء تحقيق حول كيفية وصول المدعو ابراهيم غالي المطلوب أمام العدالة الدولية إلى اسبانيا بوثائق مزيفة”، موردا أن “وجود شخص بدون أوراق حقيقية في فضاء شينغن يضع اسبانيا أمام مسؤولية أخلاقية وسياسية”.
وفي ختام تصريحه، أكد الخبير ذاته، أن “المغرب من خلال هذا الدرس وجه رسالة واضحة إلى الاتحاد الأوروبي أنه قد أوفى بتعهداته من خلال شراكته الحقيقية فعليه أن يجزى عن ذلك؛ وأن تلقى هذه المعاملات الجدية بالحفاوة والتشجيع وأن لا تكون دولا في الاتحاد الأوروبي خصما للمغرب في قضية الصحراء بل معينا له”.
والجدير بالذكر، فقد خرج خوسيه بونو، وزير الدفاع الإسباني السابق، بتصريح صحفي، وقال إنه بفضل المغرب، تمكنت اسبانيا من اعتقال مجموعة من المتطرفين، مضيفا أنه بفضل الرباط تجنبت إسبانيا مجموعة من التهديدات الإرهابية التي كانت ستتسبب في سقوط العديد من الأرواح”.
وشدد بونو، على أن “المغرب هو شريك جد مهم وأساسي بالنسبة لإسبانيا، ولا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه لا يجب الدخول في علاقات متوترة معه لأن ذلك شبيه بالانتحار”.
المصدر: 2M