الصحافة _ وكالات
دخلت قضية الصحراء المغربية منعطفات جديدة، إثر اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على صحرائها، في حين لا تزال الدبلوماسية الأوروبية، بالرغم من شراكاتها الاستراتيجية مع الرباط، لم تعبر صراحة عن دعم وإسناد حليفها الاستراتيجي في العديد من القضايا، ومنها قضية الوحدة الترابية.
في هذا الحوار، يستعرض عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، لموقع القناة الثانية، تجليات توتر غير معلن بين المغرب الاتحاد الأوروبي.
-ماهي تجليات هذا التوتر فيما يخص علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي على أرض الواقع؟
واقع الحال يوجد الدبلوماسية الأوربية في تناقض تام بين ما وصلت إليه من تطور في شراكاته مع المغرب على مستوى تنفيذ الالتزامات والتعهدات وبين ما يجب أن تلتزم به أوربا من دعم وإسناد لحليف استراتيجي في العديد من القضايا ومنها تطور الموقف الأوربي تجاه مسألة الوحدة الترابية للمغرب أو بالأحرى دعم رؤيته السياسية والاقتصادية في المنطقة.
إن أوربا تستفيد من فرض التزاماتها على المغرب فيما لا يقابل ذلك التزام باحترام أولوياته الاستراتيجية ولاسيما على مستوى قضية الصحراء، حيث لا تزال عدة دول أوربية تعارض خيارات المغرب الاستراتيجية أو على الأقل تزايد عليه سياسيا داخل الفضاء الأوربي وجيو-استراتيجيا في العلاقات الثنائية مع أعضاء من الاتحاد الأوربي كما هو الحال بالنسبة لإسبانيا وألمانيا والسويد وغيرها.
وكان طبيعي من أن يسائل المغرب أوروبا بعد حصوله على اعتراف قوي بسيادته على الصحراء من الولايات المتحدة الأمريكي. الأمر الذي يمنح ثقة أقوى ليطالب بمعاودة النظر في المواقف السياسية والدبلوماسية لدول الاتحاد الأوربي عن التوفيق بين زخم الشراكة الأوربية المغربية في المجالات الاقتصادية والحقوقية وبين المواقف الدبلوماسية حيال نزاع الصحراء.
يبدو أن الموقف الأوروبي لم يتململ قيد أنملة لصالح المغرب أو بالأحرى لم يتطور على مستوى ما خلص إليه مجلس الأمن الدولي من قناعات كما هو معبر عنه في قراره الأخير رقم 2958.
وطبيعي، أن يتخذ المغرب موقفا صارما حيال هذه التناقضات حيث بعث برسائل إلى أوروبا بمناسبة ذكرى الشراكة الأوربية المغربية يدعوها إلى تطوير مواقفها السياسية والدبلوماسية تجاه العديد من القضايا المغربية، ويطالب بمزيد من الندية في استمرار الشراكة البينية.
أما على مستوى أعضاء الاتحاد الأوربي، فإن المغرب بات صارما في إعادة ضبط علاقاته الثنائية مع بعض الدول الأوربية التي تزايد على وحدته الترابية متجاهلة ما يجمعها مع المغرب من مصالح ومواقف مشتركة.
-ما الذي يجعل قضية الصحراء نقطة أساسية لهذا التوتر بين الرباط والعواصم الأوروبية؟
تزداد قناعة المغرب بالتصعيد من لهجته، بحسب المنطق الطبيعي يجب أن تراعى فيه مصالح الشريك أولا، ولأن المغرب ربح شراكة سياسية ودبلوماسية واقتصادية قوية مع أمريكا وبالضرورة ستعزز الشراكة الاقتصادية معها مستقبلا، على أوربا أن تتفاعل على ضوء هذه المتغيرات بدل استمرار رؤيته التقليدية تجاه قضايا جيو-استراتيجية حاسمة لمستقبل علاقاتها مع الشريك المتوسطي لها.
-كيف يعتمد المغرب على ملفات مهمة لانتزاع اعتراف بسيادة المغرب على صحرائه أو على الاقل ضمان موقف غير محايد منها؟
إن ترقية المغرب ليكون حليفا استراتيجيا لأوروبا في المجالات الاقتصادية والسياسية، فلأنه شريك فعال في تعاونه على تدبير العديد من الأزمات المشترك، ولاسيما تلك التي تهدد الأمن والاستقرار في أوربا، ومنها قضايا الهجرة ومحاربة الإرهاب وجريمة الاتجار بالبشر وجريمة تهريب المهاجرين.
ولقد وجدت أوربا في المغرب متعاونا جيدا في الكثير من القضايا الأمنية وقضايا الهجرة ومحاربة الجريمة العابرة للحدود حتى أن تعاونه نوعي على أكثر من مستوى. ولذلك فإن دوره ضروري لأوروبا، سيما أن هذه القضايا من أكبر أوراق ضغطه على ألمانيا واسبانيا وعموم أوروبا.
المصدر: 2M