الصٌَحافة _ ملاك بنتي
منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع ونقرأ عن مسلسل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. ما يعني أن حلقات هذه المسألة طويلة جدا ونهايتها غير معلومة، فكلما يظهر بصيص أمل لحل القضية تنبعث عراقيل، غالبا ما تكون نتيجة عدم رضا الطرفين الرئيسيين، وأحيانا أخرى تقاطع تلك الحلول مع الأطراف الثانية التي تحاول جاهدة الاستفادة من الكعكة التي ساهمت في صنعها…
اليوم وصلنا لحلقة مهمة من حلقات القضية الفلسطينية وهي التي قدمها الرئيس الأمريكي ترامب على هيئة خطة السلام المعتادة، لكنها هذه المرة على أنغام اقتصادية وليست سياسية؛ فمستشار ترامب وصهره غاريد كوشنر أكد خلال ورشة المنامة بأن التوافق على الحل السياسي بات ضرورة ملحة لجميع الأطراف_ وهو يشير بشكل صريح للسلطة الفلسطينية التي فضلت عدم الحضور _ وذلك لإيجاد حلول سياسية؛ ذلك أن مستشار ترامب وقريب بنيامين نتنياهو، يرى بأنه حان الوقت لإحداث تغيير في خطط السلام المتبناة منذ زمن، بالاهتمام بالجانب الاقتصادي والتركيز على التنمية في جميع المجالات، خاصة التنمية الاجتماعية…
يمكن القول إذن بأن ما يميز خطة السلام الأمريكية اليوم هو أنها تهدف إلى رفع الشعب الفلسطيني إلى مستوى آخر من العيش، مستوى تحترم فيه إنسانيتهم، واستقرارهم، باختصار مستوى مختلف تماما عن المستوى الذي آلفوا عيشه…
لماذا ؟ لتتمكن أمريكا الصهيونية من تمرير مخططاتها السياسية في الوقت الذي يكون فيه الفلسطنيون ينعمون بخيرات هذا المشروع الاقتصادي الذي يحمل في طياته حلولا سياسية ستقبر القضية الفلسطينية، ولربما تمحق إسم فلسطين من على الكرة الأرضية …
ونسمع تسمية جديدة للمنطقة، فقد ننعتها بإسرائيل التي كانت تسمى قديما فلسطين… كما حدث مع مجموعة من الدول… القيادات الفلسطينية كان لها موقف معارض من خطة السلام الأمريكية التي يروج لها عرابها كوشنر، وذلك باتخاذ قرار مقاطعة ما يعرف إعلاميا ب صفقة القرن التي تحتضنها منامة البحرين، لكن ألا يمكن القول بأن موقفهم هذا قد تكون له مساهمة في نجاح ورشة المنامة من حيث لا يدرون. وفي الصدد كتب “لوبارون” في تحليله أن فشل ورشة المنامة سيمثل نجاحا لاستراتيجية ترامب… وهي إشارة منه إلى أن ترامب وجنود الخفاء في هذه المسألة على علم مسبق بعدم حضور القادة الفلسطينيين، وبالتالي فهم يخططون لجميع المواقف ولا يتركون شيئا للصدفة…
التاريخ علمنا أن اليهود الصهاينة يشتغلون في أحلك الظروف ما بالك عندما تكون أرضية الاشتغال مهيأة، فلنا في تصريح تيودر هرتزل بعد مؤتمر بازل عبرة…
نتمنى أن لا تتم تلك الجزئية البسيطة التي تفصل صفقة القرن عن التحقق…
فأحيانا نعتقد بأننا صنعنا خيرا، لكننا نفاجأ بأن ما فعلناه شرا …كان على السلطة الفلسطينية أن تحضر لورشة المنامة لكي تبعد عنها الشبهات، فمن يدري قد تكون مقاطعتكم هاته جاءت لتلبية رغبات الأخطبوط الصهيوني الذي يتحكم في كل الدول العربية، ما بالك القيادة الفلسطينية التي تمت حوكمتها منذ زمن…