وفي 20 فبراير 2011 خرج المغاربة ينشدون الحرية والديموقراطية، ويحملون شعارات ضد هذا المولود المسخ الذي جاء بدعوى تخليق الحياة السياسية، لكنه “دخل فيها بصباطو “.
عندما رأى فؤاد عالي الهمة موجة الشارع الجارفة نفذ بجلده هاربا إلى داخل القصر الملكي حيث أصبح مستشارا لصديقه الملك، كما هرب عدد من حاضني مولود الهمة خارج الوطن نتيجة الاحتجاجات، ومنهم إلياس العماري الذي هرب الى فرنسا بعدما كان يعتقد أن سيناريو تونس ومصر قد بدأ بالمغرب.
لكن عندما هدأ الشارع المغربي، وظن الثوار أن قوس الديموقراطية سيبقى مفتوحا بعد خطاب الملك، بدأ التحضير للدستور واللعب من جديد. ظهر إلياس كأب جديد للبام، واعترف أن حزبه جاء لمحاربة الإسلاميين، فقامت الحرب بينه وبين بن كيران الذي اتهم إلياس العماري بالاتجار في المخدرات على لسان حميد شباط أمين عام حزب الإستقلال.
وفي أول انتخابات على أساس دستور 2011 جاء حزب التراكتور في المرتبة الثانية بعد العدالة والتنمية، فتبين أن الدولة لازالت ترعى إبنها السمين، رغم عدم رضاها عنه حيث استحوذ حزب بن كيران على مختلف المجالس والبلديات بل وحتى الجهات الرئيسية في المغرب.
وكانت سنة 2015 بمثابة الفرصة الأخيرة للبام حيث بدأت تدور في الكواليس فرضية قتله لانه مولود لا طائلة منه وجزاؤه الموت، لكن الأب الجديد إلياس تشبت بأبوة البام، وحاول بشتى الطرق إثبات جدوى الحزب في المشهد السياسي، وتوسل في سبيل إثبات ذلك مختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة لكن يظهر أن رب الحزب غضب أخيرا وقرر طرد إلياس الذي رغم تقديم استقالته في إدارة الحزب إلا أنه بقي مستمرا على رأسه مدة طويلة قبل أن يأتي بن شماس أمينا عاما مؤقتا.
بعد فشل البام في مهمة محاربة الإسلاميين حيث تمكنوا من رئاسة أول حكومة في ظل دستور 2011 ، بدأ التفكير في التخلي عن البام ليلقى مصيره في الشارع، وتزايد الإهتمام بصديق آخر للملك من خلال تلميع صورته، حيث وصل الحد مبلغ الإشادة بقطاعه الفلاحي في خطب الملك، بل طالت عصى التلميع حد القول أن أخنوش يفطر مع الملك على طاولة واحدة، دون موجب رسمي، مما يولد الشعور لدى العامة بقرب أخنوش و تفضيله عن بقية المغاربة الفاعلين لدى الملك.
كان من نتائج هذا التلميع حنث أخنوش الذي حلف على طلاق السياسة طلاقا ثلاثا لا رجعة فيه، حيث ظهر فجأة يترأس حزب الأحرار بعدما تمت ترضية زعيمه السابق ” المفعفع ” برئاسة الباطرونا.
وبينما كانت الفرحة تغمر أخناتوش العظيم بالدور الجدي ، وحتى لا يقول عنه ( المرجفون ) كما قالو عن البام، إنطلق أخنوش في تأسيس أذرع لحزب الأحرار، وبلغ به تمثيل دور الزعيم حد عقد المؤتمرات الخطابية بالدارجة متأسيا ببن كيران بل خلق لنفسه شعارا “أغراس أغراس “متأسيا بشعار ” “المعقول”، وانطلق في جولاته داخل و خارج الوطن لحشد التأييد في حملة انتخابية سابقة لأوانها.
لكن “يا فرحة ما تمت هههه” جاءت المقاطعة المباركة وكانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر أخناتوش، حيث جعلته في فوهة المدفع الشعبي الى جانب منتوجين آخرين في حملة المقاطعة، وبدأت شعبيته المصطنعة تتطاير كأوراق التوت خاصة بعد أن علم المغاربة صفقة تأمين المحروقات والربح غير الأخلاقي الذي حققه اللوبي النفطي وعلى رأسهم زعيم حزب الأحرار الجديد.
بعد انهيار صورة أخنوش في أعين المغاربة دخل المخزن في “حيص بيص” لأن الشائعات كانت تروج قبل المقاطعة بإمكانية الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها، كان السيناريو بعد الاطاحة ببن كيران تلميع أخنوش لقيادة الحكومة المقبلة في أي لحظة سانحة لكن “تجري الرياح بما لا تشتهي سفن المخزن”.
و بعد أن خلطت المقاطعة المباركة الاوراق من جديد أصبح الملاذ في إعدام حزب البام و إلحاق أبنائه فرادى و جماعات بحزب الأحرار لإعطاء دفعة جديدة لحزب أخنوش قبيل الانتخابات المقبلة.
بعدما ترك إبن فؤاد عالي الهمة لمصيره بالشارع، وهو لم يتجاوز بعد العاشرة من عمره، تداعى عليه أبناؤه كل يدعي وصله بأبيه ويتهم الآخر بالعقوق، واشتد الصراع بين الاخوة الاعداء الى حد بلغ بأحدهم تكسير أنف الآخر مما استوجب نقله للمستشفى، وكل هذا بسبب “وسخ الدنيا”.
كان من نتائج هذه الحرب الطاحنة بين أعضاء البام تسريب فضائح و نشر غسيل بعضهم بعضا، مما جعل الراسخين في السياسة يتنبأون بوفات الحزب على عكس ما كان ولا زال يجري في الأحزاب الأخرى من انشقاق وانشطار ناتج عن الخلاف الفكري أو الإيديولوجي أو المصلحي بين أعضائه، ولعل محاولة تسويق انقسام البام الى تيارين اليائسة، (تيار بن شماس من جهة و وهبي واخشيشن والمنصوري من جهة أخرى)، ستجد طريقها إلى العدم قريبا، حيث أن مسألة إنفجار الحزب من الداخل مجرد مسألة وقت ليتبين بعدها من قتل نتيجة هذا الانفجار، ومن نفذ بجلده ليتم توجيهه لمداعبة الحمامة، وكسب ودها والانخراط في إطعامها على غرار ماسك مفاتيحها أخنوش.