الصٌَحافة _ حسن أبوعقيل من أمريكا
كلمة أقترنت برجالات حديدية تأتي على الأخضر واليابس تدمر وتحرق وتطلق الرصاص كآلة عسكرية بدون منازع.
فكم عدد الأبرياء الذين ضاعوا وجاعوا باسم رجال “فوق القانون “، وكم من المواطنين توبعوا بتهم مفبركة ومخدومة باسم رجال “فوق القانون”، وكم من تجاوزات مخزنية – تحت الأوامر – نفذت باسم رجال ” فوق القانون ” وكم من استفهام لم نجد له جواب باسم رجال “فوق القانون”؟.
القضية ليست جديدة على الناس وليس المغرب وحده ينفرد بظاهرة “رجال فوق القانون” فمعظم الأمة العربية تعاني نفس المرارة والضغوط حيث تهيمن على الساحة نخبة من المقربين إلى الزعامة والفخامة والسعادة وتتدخل في كل الأمور كرجال الدولة بدون حقيبة المسؤولية ويبقى عملهم اليومي ينحصر في الوساطة التي لا تتطلب لا شهادات عليا ولا دبلومات فلا يحتاجون إلا لمكتب وهاتف وسكرتيرة ومندوبين على المستوى الوطني فاغتنوا من خلال ” التوسط ” لدى المسؤولين تحت إنزال الأوراق البنكية أو الوعود بالترقية مما يسهل المأمورية ولو على حساب الأبرياء من الناس وضعافها .
فكم من قضية دارت في المحاكم كانت لصالح رجال “فوق القانون” وكم من حقوق سلبت باسم وساطة رجال فوق القانون. فهذا النوع من لوبي “الوساطة” ليس محام يدافع عن قضايا الناس لكنه سمسار يحمل على صدره نياشين – باص بار توأي الضوء الأخضر في جميع الوزارات والبرلمان والجماعات المحلية والإدارة العمومية والمؤسسات المالية، إنها شبكة الوساطة تعمل على فض النزاعات خارج الإطار العام والسير العام متجاوزة كل الأعراف والقوانين ومن يرغب عن ملتها يلقى نفسه مهددا بالتنقيل إلى آخر زاوية في الخريطة فأصحاب النفوذ.
جهاز فوق القانون لا يعرفون الرحمة ولا الشفقة ولا يعرفون معنى الإنسانية لكنهم يعرفون الحسابات البنكية ومن أين يؤكل لحم الكتف. فمن وراء هذا اللوبي الذي يزرع الخوف ويغير مجرى القانون ويذل كرامة المواطنين ويحمي المجرمين والمفسدين.
فهذا عميد شرطة متقاعد كما تحكي رواية لشريط مغربي – للتذكير فقط – صاحب بيت أجره لبنات الليل وسيدات مجتمع الدعارة والبغاء وكلما علم بإلقاء القبض عليهن إلا وسارع في تسريحهن قبل العرض على النيابة العامة ليبقى ربحه من هذه الوساطة الدوبان في ليلة ماجنة من رقص واستمتاع بالخمرة والجنس وكان لا يتردد لإرسال الهدايا (؟) إلى الدائرة الأمنية.
أما على مستوى المال والاعمال فبمجرد الوقوف على ما يجري بالموانئ وتدوين السيارات الفاخرة وقضايا الإستثمار والشيكات بدون رصيد والمخدرات والمشاريع التنموية والكريمات والتوظيف والتعيين والإنتقال فحدث ولا حرجفوق القانون تربى عليه المغاربة زمن “السيبة” فشعار إدريس البصري “كول أوكل” كان أقوى من هراوات الداخلية وكان يطلب من بطانته الحذر كل الحذر بمعنى “اللي حصل إودي” فانتعشت العمالات والأقاليم والمدن بدءا من بعض القياد مرورا بعمال وولاة ومن جانب أخر أن رجال فوق القانون كانوا ينصبون على الناس والتجار باسم العامل أو الوالي أو القايد حتى أنه في حالة من هذه المصائب بلغ إلى علم أحد السادة العمال (رجل طيب وخدوم) أن بعض الأشخاص يتحدث باسمه وينصب على التجار في إحدى المناسبات الوطنية ففتح السيد العامل تحقيقا لكن سرعان ما صدرت بعض الأوامر فوق القانون لكي لا يعير الإهتمام للموضوع فتم طمس القضية.
رجال “فوق القانون” دخلوا المحاكم وسيطروا على بعض القضاة والموظفين وأصبحوا يقررون في مصير العباد مما جعل الكثير من القضايا تثار في الصحافة مستنجدة بالإستعطاف و تدخل المؤسسة الملكية فماذا يفعل القاضي أمام الإملاءات والإكراهات وأمام هول التوقيف أو التنقيل وأمام الدرجات والإمتيازات والتهديد.
فبعض الأفراد ممن استقبلوا من قبل الملك محمد السادس في أحد المناسبات – لا نعرف من توسط لهم – بمجرد أنهم سلموا على يديه اعتبروا أنفسهم فوق القانون حتى أن أحدهم وجه كلمة لبعض أبناء الجالية أنه “غادي يربيهم” ويقصد بأبناء الجالية الذين لا يساندونه أو يختلفون معه في الرأي (…).
فالواسطة إغتصاب فعلي لحقوق الآخرين الذين لا يتمتعون بصلات مع أحد من الكبار تمكنهم من الحصول على حقوقهم المسلوبة ولو كانوا أحق من هؤلاء الذين سلبوها بسبب الوساطات فإنها طاعون اجتماعي يعمل على تهميش أصحاب القدرات، كما أن هذه الظاهرة تجعل الإنسان المتفوق والمتميز مصاباً بالإحباط وخيبة الأمل .
إننا في أمس الحاجة إلى المبادرات من أجل التخفيف عن معاناة الشعب والقضاء على لوبيات الفساد بجميع أشكاله وعلينا كشف المسؤولين في قلب الإدارات وليس بالأمر الهين أو البسيط فلابد من الإيقاع بأكبر عدد ممكن من الوسطاء ولو كانوا قريبين من القصر الملكي فلا يعذر أحد بتقصيره والتلاعب بكرامة المواطنين وما يلزم هو التضامن وفي انتظار ذلك نأمل من الجميع التعاون للكشف عن المتلاعبين والحاقدين على التغيير والتصحيح من ذوي النفوذ و الوساطة فراسلوا المنابر الحرة والجرائد المحترمة والأقلام البررة.
فاصل ونواصل