الصحافة _ إلياس المصطفاوي
في الوقت الذي يتضامن فيه المغاربة، كل من موقعه ومنصب مسؤوليته، من أجل محاربة تفشي وباء كورونا المستجد، وفي الوقت الذي يبحث فيه الجميع عن حل للمغاربة العالقين بالخارج، خرج علينا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريفي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بتصريح خطير وغير مفهوم خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية لتقديم توضيحات بشأن العالقين في الخارج بمجلس النواب، يوم أمس الخميس، للتهرب من المسؤولية تجاه الملف، محملا المسؤولية كلها لوزارة الصحة في ذلك، وكأنها وزارة صحة دولة معادية للمغرب، هذا في وقت نسوق جميعا، على الصعيد الدولي، كمغاربة وكحكومة قدرة المغرب علي التعامل مع الجائحة وتوفيره كل ما يلزم استعدادا لعلاج الحالات العادية وأيضا الحرجة، ليضرب بوريطة الصورة التي قدمناها للعالم عرض الحائط من مفضلا مصلحته ومنصبه ومستقبله المهني على صورة دولة بأكملها.
ويبدو أن ناصر بوريطة تعود على لغة الخشب في إدارة دبلوماسية المملكة المغربية بتحميل أطراف مسؤولية نزاعات دولية، ونسي أنه أمام قضية مغربية وطنية داخلية لا ينبغي التعامل معها بمنطق تحميل أطراف المسؤولية وإنما بمنطق التضامن الحكومي والتضامن الوطني.
كما تناسى ناصر بوريطة، مجهودات وزارة الصحة وعدم تهربها من المسؤولية واحتضان كل المغاربة وتوفير ما يلزم لصحتهم، وليس مخول لها فتح الحدود وإغلاقها، باعتبار أن القرار له ارتباط بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريفي والمغاربة المقيمين بالخارج، والجهات العليا في المملكة، وهو الذي جيش سفراء وقناصلة وأطر سفارات وقنصليات المملكة لتهييج المغاربة العالقين بالخارج ضد وزارة الصحة، حيث تلقى عدد منهم بعد ظهر يوم أمس اتصالان من أطى وموظفي البعثات الديبلوماسية المغربية بالخارج، يُبلغونهم بأن السبب في عدم عودتهم إل المغرب هو وزارة الصحة التي يقولون أنها غير جاهزة لاستقبالهم والعناية بهم صحيا.
يُسوقون هذه الأسطوانة المشروخة لناصر بوريطة الذي مازال لم يستفق من الصفعة الملكية التي تلقاها على خذه بسبب فشله في تدبير ملف المغاربة العالقين بالخارج، حيث يعتبر نفسه في حرب مع دولة أجنبية وليس في إطار تنسيق وتضامن حكومي وطني، ويُحمل المسؤولية لوزارة الصحة بطريقة مباشرة بطريقة يتذاكى بها على الشعب المغربي، حشومة عليه فهاد الأزمة لي حنا فيها بدل كلنا ما نتحملو المسؤولية يقول بالفم المليان ننتظر من وزارة الصحة تعطينا الإذن فوقاش عمرك نتاظرتي من شي واحد يعطيك الإذن كاع آسي بوريطة.
كما نسي كذلك دور وزارة الداخلية في إيجاد الدعم اللوجيستكي وأماكن الايواء للمخالطين الذين يوضعون في الحجر الصحي في انتظار نتائج التحاليل المخبرية لفيروس “كورونا” المستجد.
ولم يقدم ناصر بوريطة أي توضيحات دقيقة باستثناء حديثه عن وجود 22 ألف مغربي ينتظرون العودة إلى وطنهم، مؤكدا تكفل الوزارة بإقامة 3844 منهم في عدد من الدول بما فيها في الولايات المتحدة وتوفير العلاج لـ147 وشراء الأدوية لقرابة ستين منهم. بيد أن رقم العالقين الحقيقي هو الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لا يتجاوز 7500 فرد، باعتبار أن هناك عدد كبير من “الحاركين” بدون مأوى وعمل وليس لديهم جواز سفر صالح، وجدوها فرصة للرعاية والمأكل والمشرب والسكن في فندق فاخر إلى حين زوال الوباء، وأنهم ليسوا عالقين هناك كالطلبة والسياح، ولن يعودوا للمغرب حاليا حتى ولو وفرت لهم الدولة طائرات للعودة، ومع ذلك بوريطة ومصالحه يكذبون ويضخمون العدد لتهويل الوضع على الدولة وعلى المغاربة ككل.
ناصر بوريطة ظهر يوم أمس الخميس، ضعيفا مهزوما فاقدا لقوة التواصل ولم يظهر الصدق في كلامه، ولم يكشف عن تاريخ عودة المغاربة العالقين في الخارج، واتهم في المقابل هولندا وبلجيكا بالتمييز ضد مزدوجي الجنسية خلال عمليات إجلاء المواطنين الأوروبيين من المغرب، وهو ما ترك جدلا حادا.
ولم يقدم ناصر بوريطة أي توضيحات دقيقة باستثناء حديثه عن وجود 22 ألف مغربي ينتظرون العودة إلى وطنهم، مؤكدا تكفل الوزارة بإقامة 3844 منهم في عدد من الدول بما فيها في الولايات المتحدة وتوفير العلاج لـ147 وشراء الأدوية لقرابة ستين منهم.
وتجنب الوزير تحديد أي تاريخ لعودة العالقين المغاربة واكتفى فقط بالحديث عن “الشروع في إعادتهم قريبا جدا” وعبر مراحل، ومشددا على حقهم الدستوري في العودة لكن بشكل منتظم. وتحدث عن معايير عودة العالقين وأساسا إعطاء الأولوية للحالات الإنسانية وليس القرب الجغرافي، حيث تسربت أخبار في البدء عن فتح الحدود أمام العالقين في سبتة ومليلية المحتلتين، حيث لا يتطلب إجلاؤهم سوى فتح المعبر الحدودي البري.
وفي ملف مرتبط بإغلاق المغرب للحدود، وهو الترخيص للمغاربة المقيمين في دول أوروبا، انتقد الوزير بشدة تصرف كل من هولندا وبلجيكا، واتهمهما بإعطاء الأولوية للبلجيكيين والهولنديين خلال عمليات الإجلاء الأولى، وقال في هذا الصدد: “بعدما قامت هولندا بترحيل مواطنيها، طلبت من المغرب الترخيص لترحيل المغاربة الحاملين للجنسية الهولندية وانطلاقا من مطارات طنجة والحسيمة والناظور، أي المناطق الريفية أساسا”.
وبعدما أكد رفض المغرب لهذا المنطق، كشف أنه لم يحدث للمغرب أي مشكل مع باقي الدول التي يحمل المغاربة جنسيتها أو أوراق الإقامة باستثناء بلجيكا وهولندا بسبب تعاملهما بخلفية سياسية مع الموضوع.
وخلفت تصريحات وزير الخارجية ردود فعل متباينة، فقد انتقده عدد من النشطاء المغاربة في أوروبا متسائلين عن صمته طيلة هذه المدة بشأن ما اعتبره تمييزا من بروكسيل وأمستردام. في الوقت ذاته، احتج مغاربة آخرون مقيمون في إسبانيا وفرنسا وألمانيا ورفضوا الرواية الرسمية المغربية وتساءلوا: إذا كانت هناك مشكل مع هولندا وبلجيكا، فلماذا تم منع المقيمين في دول أوروبية أخرى من المغادرة؟!
ورخصت السلطات المغربية حتى الآن للمقيمين أو حاملي الجنسية الأمريكية بمغادرة المغرب دون باقي المهاجرين المغاربة.