الصحافة _ وكالات
ساعات بعد بلاغ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أثير نقاش داخل أطر الوزارة من الابتدائي إلى التعليم العالي حول الإمكانيات التي توفر هذا العرض لتقديم الدروس من دون الحضور إلى الفصول ومدرجات الجامعة.
وكان بلاغ الوزرة قد وجه الدعوة إلى الأطر التربوية والإدارية لـ “الانخراط بشكل فعال ومكثف في جميع التدابير التي سيتم اتخاذها من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية عن طريق كل ما يمكن توفيره من موارد رقمية وسمعية بصرية وحقائب بيداغوجية لازمة لتوفير التعليم والتكوين عن بعد، بغية تمكين المتعلمات والمتعلمين من الاستمرار في التحصيل الدراسي”.
الفرص متاحة وهل الوسائط ممكنة؟
يؤكد عدد من المراقبين ، أن فضاءات متعددة متاحة عبر وسائط رقمية ومسطحات متنوعة بقطاع التربية الوطنية من خلال “المواقع الإلكترونية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين” و”صفحات التواصل الاجتماعي” ومنظومة “مسار” للتدبير المدرسي، و منصة “جيني” من أجل تقديم الدروس التي وعدت بها الوزارة في بلاغ الجمعة، بعد توقيف الدراسة بالأقسام والفصول بسبب وباء “كرونا” المستجد.
وتفيد المعطيات المتوفرة أن الموارد الرقمية التي يتوفر عليها المختبر الوطني للموارد الرقمية لدى مديرية “جيني”، وخدمات taalimtice.ma تواجه تحديين اثنين. الأول كون أكثر من 7 ملايين تلميذ ممدرس سيصيرون بدءا من 16 مارس الجاري خارج قاعات “جيني” المشغلة، وثانيها صعوبة إيصال تلك الموارد الرقمية المحدودة إلى ملايين التلميذات والتلاميذ في الأرياف والبوادي والقرى القاطنين مع أهاليهم البعيدين عن فصول الدراسة في غياب أية وسائط رقمية معينة.
وينضاف إلى ذلك، يشرح يوسف الإدريسي، وهو أستاذ مختص في الموارد الرقمية، أن البنيات والتجهيزات الحالية المتوفرة بالمؤسسات التعليمية غير كافية، حيث لا تتعدى خمسة آلاف قاعة، ناهيك عن أن ملايين التلاميذ لا يتوفرون على وسائط الكترونية (لوحة/حاسوب..) مرتبطة بشبكة “الأنترنيت”بالقاعات المتعددة الوسائط التي قد تتيح جزءا منها شبكة الموارد الرقمية لـ”جيني” التي لم تستكمل بعد وبعضها لا يتلاءم مع مستجدات المنهاج المنقح والشروع في تنزيل برنامج التناوب اللغوي والمسار الدولي والباكلوريا المهنية ومشروع القرائية، مما سيضيع نحو أربعة (04) أسابع من زمن التعلمات الصفية من أصل 34 أسبوعا في السنة الدراسية، وفق المقرر الوزاري لتنظيمه.
وتساءل الإدريسي “لو نفترض أن الوزارة وفرت الموارد الرقمية بدءا من الاثنين المقبل. كيف يمكن تنزيل ذلك؟ وبأية آليات وأدوات سيتم التتبع؟ وكيف سيتم التقويم والتقييم مع كل متمدرسة ومتمدرس؟ وكيف سيتم مواكبتهم بالدعم بحسب كل حالة حالة.. وكلها أسئلة لن يجد لها المسؤولون في الرباط ومديرو الأكادميات التي رميت لهم الجمرة أي جواب”.
واعتبر الإدريسي أن ذلك لن يجسد، على أرض الواقع، مبدأي “الإنصاف وتكافؤ الفرص” بين تلاميذ الوسطين الحضري والقروي، بين من يملكون الإمكانات الرقمية والمعدات وبين من لا يتوفرون على تلك الامكانات أو من يسكنون في مناطق نائية لا تصلها تغطية الانترنيت، وهو نفس ما يروم القانون الإطار 51/17 تحقيقه في قلب المؤسسة التعليمية في غياب شروط الإنجاح والتنزيل، بحسب تعبيره.
597 ألف طالب للتكوين المهني بلا تداريب
وإذا كان التكوين المهني يرتكز على تحديث أساليب التدريس واعتماد معايير جديدة للجودة باعتماد المقاربة القائمة على الكفاءة وتعزيز التكوين في الوسط المهني وفق رؤوية وبرنامج عمل 2020، فإن دورات التكوين بالتناوب والتدرج المهني، ستجعل ما يقارب 597 ألف متدرب محرومين من تداريبهم لأسابيع أربع على الأقل، وحتى عطلة منتصف الأسدس الثاني من السنة التكوينية الحالية 2020/2019، مما سيجعل التدريس عن بعد أمرا غير مجد، ولو وفر العرض المهني التكويني في صيغته الرقمية.
جامعات وكليات تنتظر
وإذا كان التعليم المدرسي والتكوين المهني يشكوان غياب آليات المواكبة والتصويب والتدقيق، فإن طلاب المعاهد العليا والجامعات والمؤسسات سواء ذات الاستقطاب المحدود أو المفتوح، سيتعمق أكثر.
وشرح حسن الطالب، وهو أستاذ جامعي، كيف لأستاذ يقدم محاضراته في مؤسسة جامعية ذات الاستقطاب المفتوح أمام المئات من طلابه، أن يتواصل معهم عبر وسائط رقمية لا توفر مؤسساتهم الجامعة الحد الأدنى منها.
واعتبر أن بعض المبادرات التي باشرها عدد من الأساتذة من خلال محاضرات على شبكة “النت”، لم تلق دعما ولا تجاوبا من قبل الإدارة، ليتم اليوم تبني مقاربة لم تتوفر لها الشروط القبلية لتأمين نجاعتها.
وتأسف المتحدث قائلا: “لم تبق إلا أسابيع وتنتهي الدورة الربيعية، بعد مدة قصيرة على انطلاقتها بسبب تفشي هذا “الوباء”، وكان على الوزارة أن تفكر استراتيجيا لما سيأتي بدل الترقيع”.