الصحافة _ وكالات
تتواصل ردود الفعل في المغرب على اعتقال ومتابعة الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي، محذرة من مسلسل التراجع عن ما حققه المغرب من مكاسب في ميدان حرية التعبير واستخدام القضاء في تصفية الحساب مع الناشطين والحقوقيين والصحافيين.
وطالبت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، والقيادية بفدرالية اليسار الديمقراطي، بإطلاق سراح عمر الراضي، الذي اعتقلته السلطات يوم الخميس الماضي وتتابعه بحالة اعتقال على خلفية نشره تغريدة على موقع «تويتر» علق فيها على الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي «حراك الريف»، ومن المقرر أن تعقد المحكمة الابتدائية في الدار البيضاء يوم بعد غد الخميس جلستها الثانية للنظر في تهمة إهانة قاض.
وكتبت منيب تدوينة قالت فيها إن «سياسة التخويف والتضييق خيارهم، والنضال والتضامن خيارنا #حرية،#كرامة ،#عدالة اجتماعية #المساواة الكاملة.. نحن كثيرون وكثيرات ممن يردد مع جمهور الرجاء «في بلادي ظلموني» كيف لا وحقوقنا وحرياتنا مهددة وسياسة التخويف، والقمع، وتكميم الأفواه، والتضييق، والمتابعات، والمحاكمات مستمرة، والأحكام الجائرة تطال الشباب السلمي، وتكسر قلوب الأمهات، في الوقت الذي يجب إعمال الحكمة في قراءة ما يجري في محيطنا وبأن الإفراط في استعمال القوة والقمع لن يوقف المطالبة بالحق في العيش الكريم».
وأضافت منيب: «إذاً عن أي «نمودج تنموي» جديد نتحدث إذا لم نستوعب بأن الإنسان يشكل أساس أية تنمية، وعليه، يجب صيانة حقوقه وحرياته وضمنها حرية الرأي والتعبير والنشر والتظاهر السلمي التي تنتهك باسم الحفاظ على «الاستقرار» مع سيادة المقاربة الأمنية والقمعية، التي تذكرنا بزيف شعار «كي لا يتكرر ما جرى»، حيث يسجن من ينتقد المسؤولين ويفضح الفساد و يضع الإصبع على الاختلالات التي يعرفها «النموذج الإقصائي» المبني على الريع والاحتكار والمحسوبية والزبونية واستغلال النفوذ والإفلات من العقاب، في ظل عدم المساواة أمام القانون، واستنزاف الخيرات والسطو على الأراضي والثروات الطبيعية، واعتماد الخوصصة العشوائية وتراجع دور الدولة في مجال الخدمات العمومية وتسليع التعليم والصحة والقضاء على الاختلاط المجتمعي وإغراق البلاد في المديونية والتبعية وانفتاحها اقتصادياً من دون ضوابط، مما يرهن السيادة والمصالح الوطنية ويكرس التخلف وتوسيع الفوارق الاجتماعية والمجالية ومعها الفقر والبطالة واليأس، لمصلحة الاستعمار الجديد والدوائر الضيقة المستفيدة».
وقالت منيب في تدوينتها: «إن هذه الاختيارات اللاشعبية هي التي يعيها الجميع ويفضحها وهي التي عمقت الشعور «بالحكرة» والظلم في ظل غياب التوزيع العادل للثروة وتكافؤ الفرص وفي غياب المحاسبة وانسداد أفق بناء مجتمع العدالة ودولة القانون والديمقراطية والمواطنة الكاملة، التي من المفروض أن تقف إلى جانب الشعب وليس ضده: المطالبة بإلغاء كل فصول القانون الجنائي التي تجرم حرية التعبير السلمي واحترام المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وإيقاف المتابعات ضد المناضلين والصحافيين والمواطنين والتلاميذ والفنانين، وإطلاق سراح الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلو الحراك الشعبي بالريف».
وعبر عدد كبير من المنظمات الحقوقية والصحافية المغربية والدولية بالإضافة إلى الصحافيين والإعلاميين والسياسيين والبرلمانين، وأربعة أعضاء من لجنة النموذج التنموي التي عينها الملك محمد السادس، عن تضامنهم مع الصحافي عمر الراضي، واستنكارهم لاعتقاله ومحاكمته، كما أن العشرات احتجوا يوم السبت أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط حاملين صور الصحافي الراضي، ومعبرين عن سخطهم وغضبهم من اعتقاله ومحاكمته بسبب «تغريدة».
وأدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (مستقلة) بـ«شدة» اعتقال عمر الراضي، مطالبةً بـ«الإفراج الفوري عنه وجعل حد لمتابعته»، وقالت الجمعية في بلاغ أرسل لـ«القدس العربي» «في تصعيد غير مسبوق للدولة المغربية لحملتها الشرسة في مواجهة حرية الرأي والتعبير وممارسيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أقدمت النيابة العامة بالمحكمة الزجرية الابتدائية في الدار البيضاء على اعتقال الصحافي المستقل الشاب عمر الراضي، المدون والناشط في حركة 20 فبراير، بعد التحقيق معه وإحالته عليها من لدن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وذلك على خلفية تدوينة تعود إلى شهر نيسان/ أبريل، انتقد فيها أحد رجال القضاء الذي ترأس هيئة الحكم التي أيدت إدانة نشطاء حراك الريف استئنافياً في الدار البيضاء بعشرات السنين» والتي سبق أن تم التحقيق معه فيها دون اتخاذ أي إجراء، ليعاد استدعاؤه ومتابعته وفقاً للقانون الجنائي واعتقاله وإحالته مباشرة على الجلسة، حيث رفض طلب الإفراج المؤقت الذي تقدم به دفاعه عنه، رغم وجاهته، ورغم ظروفه الصحية، حيث يعاني من الربو».
وقالت: «إذ يتابع هذا الهجوم الخطير على الحق في الرأي وحرية التعبير، الذي تكفله المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، ودستور 2011، فإنه يستنكر منتقدي الأحكام ضد نشطاء حراك الريف في الوقت الذي أدانتها عموم الحركة الحقوقية والديمقراطية بالمغرب والخارج واعتبرتها أحكاماً جائرة وغير منصفة»، معبرة عن «استنكارها للاعتقال والمتابعة التي تعرض لها الراضي»، وطالبت «بالإفراج عنه فوراً دون قيد أو شرط وجعل حد لمتابعته»، وعبرت عن تضامنها «اللامشروط معه ومع كل ضحايا هجوم الدولة ضد الممارسين لحقهم المكفول دستوراً وقانوناً في التعبير والانتقاد» وحملت «الجهات المسؤولة عن اعتقاله، كل التداعيات الصحية التي يمكن أن تتفاقم جراء معاناته من ضيق في التنفس».
ودعا منتدى الحداثة والديمقراطية إلى إطلاق سراح الراضي، مستنكراً «الاعتقال الذي تعرض له هذا الناشط الحقوقي الذي كان من الأوائل في فضح رموز الفساد»، معتبراً «محاكمته مساً بحرية الرأي والتعبير»، قال: «منذ مدة ليست بالقصيرة يشهد المغرب تراجعات خطيرة وغير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان تتمثل في سلسلة الاعتقالات والأحكام في حق نشطاء «الرأي والتعبير» بداية من اعتقال المناضل الحقوقي غسان بوذا، مروراً بتلميذ لا يبلغ من العمر سوى 15 سنة بمكناس واليوتيوبر الملقب بـ«مول الكاسكيطة»، وصولاً لاعتقال الناشط الحقوقي والصحافي الاستقصائي، عمر الراضي، إثر تغريدة تتعلق بالأحكام الصادرة في حق معتقلي «حراك الريف».
واعتبر منتدى الحداثة والديمقراطية في بلاغ أرسل لـ«القدس العربي»، أن هذا الأمر «انحراف خطير عن المسار الديمقراطي والحقوقي، إذ يتعين أن تقوم الدولة بتخليق المرفق العام وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتقال ومحاكمة الفاسدين، ناهبي الثروات والمال العام، والحد من استفحال الفوارق الاجتماعية والمجالية عوض النشطاء، والمدونين، واليوتيوبرز، والصحافيين وغيرهم من المناضلين».
وندد المنتدى الحقوقي «بالممارسات البائدة التي تعود إلى العهد القديم»، معبراً عن إدانته الشديدة لمثل هذه السلوكات الماسة بحرية الرأي والتعبير، واستنكر «كل محاولة غرضها ثني الصحافي عن مزاولة مهامه المنوطة به وواجبه الذي يفرضه عليه ضميره المهني والأخلاقي»، وأدان «مختلف أساليب المراقبة والمضايقة التي تمارس في حق النشطاء، والتي تمس حريتهم في الرأي والتعبير»، داعية جمعيات المجتمع المدني وكافة الفاعلين لتوحيد الجهود من أجل تحصين المكتسبات التي صارت هجينة اليوم وقابلة للضياع».
وأعلنت جماهير فريق الرجاء البيضاوي مشاركتها في حملة المطالبة بحرية الناشط والصحافي عمر الراضي، وأعربت عن دعمها لمعتقلي الرأي الذين ارتكبوا «جريمة» التعبير بحرية في المغرب، هذه الدولة التي وقعت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، الذي تضمن مادته 19 حرية التعبير.
وطالبت والدة الراضي بالإفراج عن ابنها المعتقل، وعبرت عن فخرها بابنها، كما لم تخف حزنها بسبب غيابه، مؤكدة على أن لا حياة لها من دون عمر.
وقالت في رسالة مفتوحة لابنها: «فخورة لأنني أرى بأنني لست الوحيدة التي تعشقك وتعزك، فالكثيرون يحترمونك ويقدرونك ولما أراه من التضامن والتآزر بين أصدقائك وأقربائك وكل من سمع بك وبأعمالك»، وتخطر في بالها «المعاناة والمرارة التي تحس بها أمهات المعتقلين. المرارة والغصة التي تقف في الحلق وتجثم على الصدر وتمنعه من التنفس»، وقالت: «الأمهات سجينات كما أبنائهن وأكثر في غياب أي تواصل أو معلومات تشفي الخاطر».