9 ملايين درهم تُوزَّع باسم الثقافة ووزراة بنسعيد تكرّس منطق الريع الثقافي بدل العدالة المجالية

27 يونيو 2025
9 ملايين درهم تُوزَّع باسم الثقافة ووزراة بنسعيد تكرّس منطق الريع الثقافي بدل العدالة المجالية

الصحافة _ كندا

أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، عن صرف دعم مالي بقيمة 9 ملايين و45 ألف درهم لفائدة جمعيات وهيئات ومهرجانات ثقافية برسم سنة 2025، في إطار ما وصفته بـ”سياسة القرب الثقافي” وتنزيل مقتضيات مرسوم الدعم. غير أن هذا الإعلان، الذي جاء محمّلًا بالأرقام والبلاغات الرسمية، يطرح من جديد أسئلة مقلقة حول جدوى الدعم العمومي للثقافة في ظل غياب الشفافية والعدالة المجالية، وتكرار نفس الأسماء والمسارات في الاستفادة، وكأن الأمر يتعلق بلعبة مغلقة لا مكان فيها للإبداع خارج الدائرة.

اللجنة التي درست 583 ملفًا، اختارت دعم 177 مشروعًا فقط، وهو ما يعني أن ثلثي المرشحين تم إقصاؤهم، دون وضوح في معايير الاختيار، ولا في التقييم الموضوعي للبرامج أو أثرها الثقافي الفعلي على الجمهور والمجال. الغريب أن النصيب الأكبر من الدعم ذهب إلى المهرجانات الفنية (127 مشروعًا)، وكأن وزارة الثقافة اختزلت العمل الثقافي في الاحتفالات الموسمية والفرجة الاستهلاكية، بينما لم يُخصص للجمعيات الثقافية والنقابات الشريكة سوى 4 مشاريع فقط، بقيمة لا تتجاوز 750 ألف درهم.

هل نحن أمام مقاربة ثقافية حقيقية تُراكم الرأسمال الرمزي وتدعم التنوع والإبداع، أم أننا أمام مواسم تمويل سياسي مبطّن، حيث تُكافأ الولاءات وتُقصى المبادرات المستقلة؟

واقع الحال يُظهر أن توزيع الدعم لا يراعي العدالة الترابية، ولا يواكب التحولات العميقة في المجتمع المغربي، ولا يفتح أفقًا لتجديد الخطاب الثقافي أو احتضان أصوات شبابية بديلة. بل إن استمرار الوزارة في تمويل مهرجانات بميزانيات ضخمة، في غياب تقييم مستقل للأثر والجدوى، يعيدنا إلى سؤال التمويل مقابل النتائج: من يُحاسب من؟

وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، تصبح ملايين الدراهم التي تُصرف تحت بند “الدعم الثقافي” مسؤولية سياسية قبل أن تكون تقنية. أين هي الاستراتيجية الوطنية للثقافة؟ من يحدد الأولويات؟ وهل الدعم العمومي وسيلة لتقوية النسيج الثقافي أم مجرد أداة لإعادة تدوير الامتيازات داخل نفس الدوائر المقربة من السلطة والقرار؟

وزارة الثقافة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بكشف خريطة المستفيدين، وتبرير الاختيارات، وإحداث قطيعة نهائية مع منطق الريع المقنع باسم الثقافة، إن كنا فعلًا نؤمن بأن الثقافة ليست زينة موسمية، بل شرط من شروط المواطنة والديمقراطية والعدالة المجالية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق