الصحافة _ كندا
في خطوة تحمل وعوداً بيئية كبيرة، لكنها تثير في الآن ذاته موجة من التساؤلات والشكوك، حصلت شركة OCP Green Water، الذراع البيئي لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، على تمويل ضخم بقيمة 6 مليارات درهم من السوق المالية، مخصص لتوسيع مشاريعها في مجال تحلية مياه البحر، ضمن خطة طموحة ترمي إلى تلبية الحاجيات الصناعية للمجموعة وتقليص الاعتماد على الموارد المائية التقليدية.
التمويل تم عبر اكتتاب خاص أشرفت عليه CDG Capital، واستهدف مستثمرين مؤسساتيين مؤهلين، بعد موافقة الهيئة المغربية لسوق الرساميل. ووفق المعطيات الرسمية، ستُخصص هذه الأموال لإنتاج ما مجموعه 630 مليون متر مكعب سنوياً من المياه المحلاة في أفق 2030، وهو ما يُفترض أن يغطي حاجيات OCP ويوفر فائضاً لتزويد مناطق حضرية وزراعية مجاورة.
لكن خلف هذه الأرقام اللامعة، يطرح المشروع أكثر من علامة استفهام. فالكلفة المالية الباهظة، ونمط التمويل القائم على ضخ أموال عمومية عبر مؤسسات مثل صندوق الإيداع والتدبير (CDG)، يدفع مراقبين إلى التساؤل: هل نحن أمام مشروع استراتيجي حقيقي؟ أم مجرد مغامرة مالية مغطاة بخطاب بيئي؟
مصادر متتبعة للقطاع أكدت أن تحلية المياه خيار اضطراري في ظل الإجهاد المائي، لكنّ تكاليفه الثقيلة تمثل تحديًا حقيقياً. فالمشروع يعتمد بشكل كبير على الطاقة، ما يجعله هشاً أمام تقلبات السوق الدولية، خصوصاً في غياب رؤية واضحة حول مصادر الطاقة المتجددة التي ستُعتمد لتشغيل محطات التحلية.
وتساءلت ذات المصادر عن الجدوى الاقتصادية الفعلية لهذا الاستثمار الضخم، خصوصاً في ظل غياب مردودية سريعة، ما قد يُعقّد مسألة سداد التمويل، ويضع ضغوطاً إضافية على موارد عمومية موجهة أساسًا لمشاريع غير ربحية في المدى القريب.
وما يزيد من الضبابية هو غياب تفاصيل دقيقة حول الجدول الزمني لإنجاز المحطات، أو خطط التشغيل والصيانة، أو حتى الأثر البيئي الشامل، في وقت يرتفع فيه منسوب الخطاب الرسمي حول الاستدامة، مقابل شح في المعطيات الفنية والمالية الدقيقة.
ورغم هذه التحفظات، يرى مسؤولو المشروع أن التمويل يشكل نقلة نوعية نحو “الاستقلالية المائية”. فقد صرّح أحمد الزنيبر، المدير العام لـ OCP Green Water، بأن العملية تمثل “مرحلة حاسمة في تنفيذ استراتيجية مائية مستدامة”، في حين أكد مهدي بوريس، المدير العام لـ CDG Capital، أن الخطوة تندرج في صميم استراتيجية المجموعة لدعم المشاريع الوطنية ذات الطابع الاستراتيجي، وعلى رأسها تأمين التزود بالماء.
ورغم النوايا المُعلنة، تبقى الأسئلة الحارقة مطروحة: هل تتحول مشاريع تحلية المياه إلى قارب نجاة في زمن العطش، أم إلى عبء مالي على كاهل دولة تبحث عن موازنة بين الندرة والاستدامة؟ وهل يحق لـ OCP أن يغامر بالمليارات تحت غطاء بيئي غامض؟ الجواب في تفاصيل لم تُكشف بعد.