الصحافة _ كندا
تشهد العلاقات المغربية الإسبانية خلال سنة 2025 انتعاشة غير مسبوقة، تُوصف بأنها من بين الأفضل في تاريخ الجوار بين الضفتين. فبعد سنوات من المد والجزر، نجح البلدان في تحويل التوترات الظرفية إلى أرضية صلبة لحوار استراتيجي قائم على الاحترام المتبادل وتلاقي المصالح.
هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة خطوات سياسية جريئة، أبرزها الموقف الإسباني الواضح والداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، وهو الموقف الذي مثّل نقطة مفصلية أعادت الدفء والثقة إلى العلاقات الثنائية، وأطلقت دينامية تعاون متسارعة في جميع المجالات.
اقتصاديًا، أصبحت إسبانيا، ولأول مرة، الشريك التجاري الأول للمغرب، متجاوزة بذلك فرنسا، في مؤشّر واضح على عمق الترابط بين الاقتصادين. المبادلات التجارية سجلت نمواً مطرداً، في وقت تعزّز فيه التعاون في مجالات الطاقة الخضراء، والصناعة، واللوجستيك، وسط إشادة من القطاع الخاص في البلدين بمناخ الأعمال المشترك.
استثمارياً، تواصل الشركات الإسبانية التوسع في السوق المغربية، مدفوعة بجاذبية الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار الذي يميز مناخ الاستثمار في المملكة. أما أمنيًا، فقد بات التنسيق بين الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية نموذجاً إقليمياً في محاربة الإرهاب، وتفكيك شبكات الهجرة غير الشرعية، واحتواء الجريمة المنظمة، ما يعكس ثقة متبادلة ومستوى عالٍ من تبادل المعلومات.
في الجانب الثقافي والإنساني، لا تقل الدينامية حيوية، إذ تشهد برامج التبادل الجامعي والتعاون الثقافي ازدهارًا لافتاً، بما يعزز الجسور بين الشعبين ويقرب وجهات النظر بين نخب البلدين، في سياق من الانفتاح والتفاعل المتبادل.
دبلوماسيًا، يواصل البلدان تنسيقهما الوثيق في ملفات إقليمية ودولية، لاسيما تلك المرتبطة بأمن المتوسط والهجرة والتنمية في إفريقيا، حيث بات المغرب يُنظر إليه من قبل مدريد كحليف استراتيجي لا غنى عنه في جنوب البحر الأبيض المتوسط.
2025 إذن ليست مجرد سنة عابرة في مسار العلاقات المغربية الإسبانية، بل محطة تُكرّس تحوّل العلاقة من منطق “تدبير الأزمات” إلى منطق “بناء المستقبل المشترك”، في إطار شراكة نموذجية باتت تُقدّم كمثال يُحتذى به في حسن الجوار الإقليمي.
