الصحافة _ كندا
في وقت يواصل فيه الغلاء ضرب القدرة الشرائية للمغاربة بلا هوادة، ويشتد الخناق على الأسر التي لم تعد تقوى على توفير الحد الأدنى من الغذاء اليومي، وجد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، نفسه في مرمى انتقادات برلمانية وشعبية واسعة، بسبب استمرار الارتفاع المهول في أسعار لحوم الدواجن، التي تحوّلت إلى آخر ملاذ غذائي للمواطن البسيط.
وفي جواب مكتوب وجهه إلى رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، حاول الوزير امتصاص الغضب المتصاعد، لكنه سقط في فخ تحميل المسؤولية للمستهلكين أنفسهم، حين اعتبر أن “ارتفاع أسعار الدواجن ناتج عن الإقبال المتزايد عليها بعد عزوف المواطنين عن اللحوم الحمراء”. تبرير أثار موجة سخط جديدة، لا سيما وأن الوزير سبق أن قدّمه في البرلمان، واصطدم آنذاك بردود نارية من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي اعتبرت تصريحاته “انفصالا تاما عن واقع المغاربة”.
رغم إشارته إلى أن سلسلة إنتاج الدواجن لم تعرف أي اختلال، عاد الوزير ليعلن عن إجراءات متفرقة اتفقت عليها الحكومة مع المهنيين، أبرزها إعفاء واردات الكتاكيت من الرسوم الجمركية، ورفع وتيرة إنتاجها، في خطوة لم تنعكس إطلاقًا على الأسعار في السوق، وفق ما يرصده المواطنون يوميًا.
وفي مسعى لتجميل صورة التدبير الحكومي، عدّد البواري ما وصفه بـ”الجهود الميدانية” لمواجهة موجة الغلاء، من دعم الأسمدة والبذور، إلى تعليق الرسوم على استيراد اللحوم، ومنع ذبح الأبقار، وتوسيع البنية التحتية للإنتاج، عبر إنشاء مجازر صناعية للدواجن وتجهيز وحدات التبريد. لكنه لم يقدم جوابا مقنعا عن السؤال الجوهري: لماذا لا يشعر المواطن بأي تحسن في الأسعار رغم كل هذه “الجهود” المعلنة؟
الواقع، كما يعيشه ملايين المغاربة، يُكذب خطاب الطمأنة الحكومي، ويُظهر فجوة متسعة بين وعود المسؤولين ومعاناة المواطنين. فما الجدوى من كل هذه التبريرات إذا ظل الغلاء مستمرا؟ وأين تتجه السياسات الفلاحية في ظل تغيرات مناخية وأزمات مركبة؟ وما مصير الفئات الهشة في هذا الزمن الذي تُستهلك فيه القدرة الشرائية بصمت؟