وزير الصحة يُداوي بالتأديب والتوقيف.. والمرض الحقيقي ينهش جسد المنظومة!

24 سبتمبر 2025
وزير الصحة يُداوي بالتأديب والتوقيف.. والمرض الحقيقي ينهش جسد المنظومة!

الصحافة _ كندا

منذ أن شرع وزير الصحة في زياراته المتأخرة للمستشفيات العمومية، بدأ يُشهر سيف القرارات التأديبية ضد مسؤولين وموظفين، وكأن أزمة الصحة العمومية تختزل في موظف هنا أو مدير هناك. قرارات بالسرعة القياسية، دون أن يتضح إن كانت قد احترمت أبسط ضمانات العدالة الإدارية التي ينص عليها قانون الوظيفة العمومية: من حق الاستماع، إلى تحديد الخروقات بدقة، إلى العرض على مجالس تأديبية مستقلة. ما يجري اليوم يثير سؤالاً جوهرياً: هل الوزير يعاقب الأفراد أم يتهرب من مسؤولية فشل السياسة العمومية برمتها؟

فالأزمة لم تنفجر من قسم إداري ضيق، بل من منظومة صحية مثقوبة، أرهقت الأطباء والممرضين، وأذلت المواطنين في طوابير الانتظار، ودفعت آلاف الأسر إلى الشارع احتجاجاً. حين يُحصر الخلل في موظفين صغار، يُعاد إنتاج الوهم ذاته: معالجة العرض بدل معالجة المرض. والحقيقة أن الوزير تأخر كثيراً في النزول إلى الميدان؛ كان حرياً به أن يطرق أبواب المستشفيات منذ يوم تعيينه، لا أن ينتظر انفجار الغضب الشعبي ليتجول بين الأجنحة ويضع يده على أنفه أمام الكاميرات.

إن القرارات التي يصفق لها البعض اليوم لن تغير شيئاً، ما دامت نفس التوجهات مستمرة: خصاص مهول في الموارد البشرية، بنية تحتية مهترئة، ميزانية لا تُترجم إلى أثر ملموس، وغياب أي رؤية شمولية لإصلاح القطاع.

كما أن الحل لن يكون عبر توقيف هذا الموظف أو إقالة ذاك المدير، بل عبر فتح حوار جدي ومسؤول مع الأطباء والممرضين وسائر الفاعلين في المنظومة، ومع الإطارات الحقوقية والمدنية المدافعة عن الحق في الصحة، حتى يُبنى إصلاح حقيقي يضع كرامة المواطن في قلب أولوياته.

أما الاستمرار في سياسة “امتصاص الغضب” بإجراءات ترقيعية، فلن يقود إلا إلى مزيد من فقدان الثقة، ومزيد من الانفجارات الاجتماعية. لأن الصحة ليست ملفاً تقنياً ولا مجالاً للمناورات الإعلامية، بل حق دستوري لا يحتمل العبث أو التأجيل.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق