بقلم: محمد بوبكري
قامت مؤخرا وزيرة العدل والشرطة السويسرية بزيارة للجزائر، وطلبت مقابلة “عبد المجيد تبون”، ولم تزر الجزائر بطلب من السلطة الجزائرية، وإنما قامت بذلك لأسباب تخص بلدها. وقد دارت المقابلة حول قضايا الوضع المأساوي لحقوق الإنسان في الجزائر، ومشكلة المهاجرين السريين الجزائريين في سويسرا، وإخبار المسؤولين الجزائريين بأن ملف الجنرال نزار، المتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، سيتم عرضه قريبا على العدالة السويسرية التي سيقوم الوكيل العام الفيدرالي باستدعائه للتحقيق معه…
وقد أبلغت هذه الوزيرة “تبون” وأعضاء حكومته بأن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أجهزة الأمن الجزائرية قد بلغت مستوى لا يطاق، حيث ذكرتهم باحتجاج المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة بـ “جنيف” على ذلك، وأنهم لم يحترموا توصياتها. وجدير بالذكر أن المخابرات الجزائرية متمادية في انتهاك حقوق الإنسان، لأنها أصدرت مذكرة توقيف في حق مناضلين أحرار تتهمهم بالإرهاب، الأمر الذي يعتبر مناورة وتحايلا يهدف إلى انتهاك حقوق الإنسان.
ويرى المناضل “كريم طابو” أن هدف حكام الجزائر من إصدار مذكرة توقيف المناضلين الصحفي “هشام عبود” والدبلوماسي السابق ” العربي زيتوت” والإعلامي “أمير د ز” هو ترك انطباع لدى الرأي العام المحلي والدولي بأن الحراك يتم تدبيره من الخارج. ويضيف المناضل “كريم تابو” إلى ذلك أن حكام الجزائر يتناسون عن قصد أن إرادة الشعب الجزائري هي التي تدبر الحراك، وأن هذا الشعب لا يقبل أن تتدخل أي جهة خارجية في حراكه، كما يرفض، في الآن نفسه، رمي المناضلين الأحرار بتهمة الإرهاب. وأردف هذا المناضل قائلا: “يجب متابعة الإرهابيين الكبار الذين يحميهم النظام الجزائري ويكرمهم لأنهم ارتكبوا جرائم سياسية وحقوقية واقتصادية ومالية، وعمليات التقتيل الجماعي في حق الشعب الجزائري خلال “العشرية السوداء” في تسعينيات القرن الماضي.
كما أخبرت الوزيرة السويسرية “تبون” وأعضاء من حكومته بأن عدد المهاجرين السريين الجزائريين بسويسرا يبلغ حوالي 2000 مهاجر جزائري يعيشون في ظروف صعبة، بدون عمل، ولا وسائل العيش، ما جعل بعضهم يقدمون على أفعال غير مقبولة، الأمر الذي يطرح مشاكل للسلطات السويسرية…، فرد المسؤولون الجزائريون قائلين: “إننا مستعدون لقبول ترحيل هؤلاء المهاجرين، واستقبالهم في الجزائر شريطة أن تسلم لنا السلطات السويسرية القطط السمان الجزائرية التي تقيم في سويسرا، رغم أنها تنتمي إلى حركة “رشاد” الإرهابية التي يحتضن بلدكم مقرها الرئيسي الذي ينبغي إغلاقه…”. ورغم أن حجم المعاملات التجارية لسويسرا يبلغ سنويا حوالي مليارين من الدولارات، فإن الوزيرة ردت عليهم بأن سويسرا دولة المؤسسات والقانون، حيث لا يمكن للحكومة أن تقوم بترحيل السيدين “رشيد مسلي” والدكتور” مراد هينة”، بل إن القضاء هو الذي يبث في ذلك ويقرر تنفيذه. وهذا ما يؤكد غباء حكام الجزائر وجهلهم، حيث يعتقدون أن نظامهم الديكتاتوري هو نفسه السائد حرفيا في البلدان الديمقراطية. وأضافت السيدة مخاطبة هؤلاء الحكام قائلة لهم: “قدموا لنا حججا مقنعة، وسنقوم بعرضها على القضاء، وإذا عجزتم عن ذلك، فإن الحكومة السويسرية ستكون غير قادرة على الإقدام على فعل شيء من هذا القبيل، لأن القانون السويسري والدولي يمنعان ذلك. أما فيما يتعلق بالمكتب الرئيسي لحركة ” رشاد”، فإنه لا يوجد لهذا التنظيم أي مكتب بسويسرا حتى نقوم بإغلاقه…
فوق ذلك، لقد أخبرت وزيرة العدل والشرطة السويسرية حكام الجزائر بأن “الجنرال خالد نزال” متابع من قبل العدالة السويسرية في قضايا تتعلق بارتكابه لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن العدالة السويسرية ستستدعيه قريبا للمثول أمام القضاء السويسري للتحقيق معه… وقد توسل إليها “وزير العدل الجزائري زغماتي” بإغلاق ملف “الجنرال خالد نزار”، فأجابته بأنها ليس لها أي علاقة بالقضاء الفيدرالي الذي يطبق القانون، ما يعني أن وزير العدل الجزائري غبي وأمي لا يدرك في القانون فتيلا، لأنه تجرأ على مقابلة أجانب لا يفهم أي شيء عن القوانين والمساطر المعتمدة في بلدانهم. فما لا يعلمه “زغماتي” هو أن سويسرا لا تشتغل بأساليب نظام العسكر الذين يوظفون القضاء لصالح استبدادهم ضدا على كل القيم والمبادئ الحقوقية الكونية؛ إنه لا يعلم أن القضاء السويسري مستقل، وأن القاضي الفيدرالي يشتغل باستقلال عن وزيرة العدل، حيث إنه منتخب من قبل القضاة، وهو باق في منصبه. أما وزيرة العدل، فإنها متغيرة حسب تغير الحكومات في البلدان الديمقراطية. وبذلك تكون هذه الوزيرة قد صفعت حكام الجزائر في عقر دارهم.