الصحافة _ كندا
تتحرك وزارة الداخلية بخطوة لافتة، إذ تسعى إلى إشراك الأحزاب السياسية بشكل مباشر في مواجهة الفساد الانتخابي، من خلال دعوتها للتوافق حول “ميثاق شرف” يضع قواعد سلوكية واضحة، ويمنع استقدام مرشحين ذوي سوابق، أو استغلال المال والهدايا والقفف لاستمالة الناخبين.
الداخلية اختارت مقاربة غير مباشرة، تقوم على نقل جزء من المسؤولية إلى الأحزاب نفسها، باعتبار أن نزاهة الانتخابات لا يمكن أن تفرض بالقانون وحده، بل تتعلق أيضًا بمدى التزام التنظيمات السياسية بثقافة الشفافية والمحاسبة الداخلية. هذا الأسلوب يمنح للأحزاب حرية المبادرة، لكنه في الوقت ذاته يضعها تحت رقابة معنوية وأخلاقية أمام الرأي العام.
غير أن التحدي الأكبر يكمن في مدى صدقية هذا الميثاق: فالتجارب السابقة أظهرت أن الاتفاقات الأخلاقية كثيرًا ما تبقى حبرًا على ورق، إذا غابت آليات المتابعة والتطبيق الصارم. فبدون إرادة حقيقية من الأحزاب وأجهزة رقابية قوية، قد يتحول “ميثاق الشرف” إلى مجرد واجهة شكلية لا تغير شيئًا في الممارسة السياسية.
من زاوية تحليلية، يظهر أن وزارة الداخلية تحاول تحقيق توازن دقيق بين الردع القانوني والتحفيز الأخلاقي، تجنبًا لأي مواجهة مباشرة مع الأحزاب، وفي الوقت ذاته اختبارًا لمدى استعداد هذه الأخيرة لتحمل مسؤوليتها في تخليق الحياة السياسية.
الخطوة تحمل رمزية قوية، وقد تشكل مدخلًا لبناء ثقافة انتخابية أنظف وأكثر مسؤولية. لكن نجاحها لن يقاس بالبيانات أو الصور التذكارية، بل بمدى قدرة الأحزاب على تنظيف لوائحها، واستبعاد المال الفاسد من معارك 2026، وإقناع المواطن أن اللعبة السياسية لم تعد رهينة للمفسدين.