الصحافة _ كندا
في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة المغاربية، خرج جيسون إيزاكسون، أحد أبرز وجوه الضغط السياسي في العاصمة الأمريكية، بتصريحات لافتة تضع المغرب في موقع الشريك الموثوق وتحمّل الجزائر مسؤولية “الاصطفاف مع معسكرات معادية للديمقراطية”.
إيزاكسون، وهو مدير الشؤون السياسية باللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) وشخصية نافذة مقربة من الدوائر الجمهورية، وجّه عبر حوار مع مجلة “جون أفريك” رسالة قوية إلى صناع القرار في واشنطن، داعيًا إلى دعم لا لبس فيه للمغرب، الذي وصفه بـ”الركيزة الاستراتيجية” في المنطقة، في مقابل تحذير صارم من “اللعبة الخطيرة” التي تلعبها الجزائر، باستفزاز الرباط، وتوثيق روابطها مع موسكو.
وأكد المتحدث أن الموقف الأمريكي من الصحراء المغربية “واضح وضوح الشمس”، مقللاً من أهمية تأخر افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة، ومرجعا الأمر لأسباب لوجستيكية، في حين تبقى الإرادة السياسية راسخة، وفق تعبيره.
وفي لهجة دبلوماسية مشوبة بالحزم، دعا إيزاكسون إدارة بايدن إلى توظيف العلاقة الاقتصادية مع الجزائر كوسيلة ضغط لتعديل سلوكها الإقليمي، مشددًا على أن واشنطن لا يمكن أن تتسامح مع “انحرافات أيديولوجية” تهدد استقرار المنطقة، أو تحوّل الجزائر إلى موطئ قدم لنفوذ روسي متزايد.
اللافت أن اللجنة اليهودية الأمريكية، التي تقود جهودًا نشطة لتعزيز الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على صحرائه، تراهن على خريف دبلوماسي ساخن داخل الأمم المتحدة، وتُلمح إلى إمكانية الدفع بقرار جديد بالتنسيق مع فرنسا، بل وحتى إمكانية تصنيف جبهة البوليساريو كـ”منظمة إرهابية”، وهو تحول نوعي في خطاب أنصار الرباط داخل الكونغرس.
أما في ملف اتفاقيات أبراهام، فرغم تأثرها المؤقت بالحرب في غزة، فإن إيزاكسون لا يخفي قناعته بأن المغرب يظل الحلقة الأقوى في دينامية التطبيع، مستندًا إلى “الروابط التاريخية والإنسانية العميقة” بين الشعبين المغربي واليهودي، وإلى مركزية الرباط في المعادلة الإقليمية الجديدة.
ولم تخلُ تصريحاته من رسائل لفاعلين إقليميين، حيث هاجم بحدة مواقف الرئيس التونسي قيس سعيّد، واعتبرها معادية للغرب، كما استبعد أي دور فعّال لليبيا في المدى القريب، بينما ربط تطبيع السعودية مع إسرائيل بملف القضية الفلسطينية.
رسائل جيسون إيزاكسون ليست مجرد تحليل سياسي، بل تعكس – وفق مراقبين – نضوج رؤية أمريكية جديدة ترى في المغرب ركيزة أمن واستقرار، وتدعو إلى تجاوز سياسة التوازنات الرمادية، في وقت تتقاطع فيه رهانات شمال إفريقيا مع صراعات أوسع على النفوذ بين واشنطن وموسكو وبكين.