بقلم: أنير بالا
في سياق الانتصارات الخارقة للديبلوماسية المغربية بالرئاسة الفعلية والمباشرة لرئيس الدولة المغربية. وفي سياق “انتشاء الشعب والحكومة” بكل هذه الانتصارات الديبلوماسية التي لا يتنازع اثنان في كون نجاحها راجع إلى الاشراف المباشر للملك عليها. وفي سياق انتصار رئيس الدولة لمجانية التلقيح والحماية الاجتماعية وغير ذلك. وفي سياق صدور تقارير دولية تؤكد نجاح الدولة المغربية في عملية التلقيح بل ان الاعلام الفرنسي اعتبر أن المملكة المغربية متقدمة على الجمهورية الفرنسية في مجال التلقيح ضد كوفيد 19.
في كل هذه السياقات الايجابية لن يعكر صفو الجو إلا التدخل “العنيف” ضد الأساتذة في العاصمة الرباط. ما حدث يثير مجموعة من التساؤلات من قبيل : هل نسوا ان الاوليغارشية الحاكمة في الجزائر تراقب وتنتظر أبسط خطأ لتجيش اعلامها وتوجه المدفع الى الجارة الشقيقة؟ ألم يتوقعوا أن تقوم القناة الاولى بتغطية احتجاجات الشارع الجزائري عشية نفس اليوم الذي ضرب فيه من ضرب من اساتذة وسحل من سحل وشتم من شتم ولم يكن أدنى تدخل من طرف الامن الجزائري ؟ هل نسوا أننا في أمس الحاجة إلى تصفية الاجواء الداخلية من أجل المضي قدما ؟وهل كان من الضروري اللجوء إلى هذا “العنف المشروع” الذي تحول إلى عنف غير مشروع؟ ماذا كان سيحدث لو مرت مسيرة الاساتذة بدون أدنى تدخل؟ ألم يكن البلد سيربح على مجموعة من الأصعدة ؟ ألم يكن سيسمى بلد “ديمقراطي” لا يغيضه الاحتجاج ؟
ها نحن الان أصبحنا حديث الاعلام الاقليمي والدولي و ستنشر صور وفيديوهات اساتذة يتم صفعهم وشتمهم وضربهم واهانتهم، ستنتشر هذه الصور والفيديوهات كالنار في الهشيم وسيتفنن ويبدع كل من جانبه وستدبج تقارير منظمات حقوقية دولية لإظهار أن المغرب بلد قمع للحريات وكذا. سترسم صورة سوداء قاتمة ستنسينا كل تلك الانجازات الايجابية.
ففي الوقت الذي ما فتئ الملك يؤكد فيه على إصلاح منظومة التربية والتكوين من خلال خطبه وتوجيهاته، نجد أن الحكومة في شخص الوزير المكلف بالقطاع لم يستطيعوا حل مشاكل بسيطة فما بالكم أن ينخرطوا في التوجه الملكي الذي يرمي إلى إصلاح حقيقي للمدرسة العمومية. بل أكثر من ذلك أن الحكومة بدل أن تصلح القطاع خلقت فيه مشاكل حقيقية من قبيل “التوظيف بالتعاقد” وإلغاء الترقية بالشهادات قبل ذلك. ألم يكن حريا بالوزارة أن تصلح المشاكل البنيوية والكلاسيكية التي عان منها الجيل القديم في المنظومة التربوية قبل أن يحال على التقاعد؟
إن الحكومة خلقت مشكل التعاقد بعد “حلها” لمشكل التقاعد. وتكون بذلك الحكومة قد نجحت في خلق جدران نفسية بينها وبين الجيل الجديد من الشباب الذين ولجو منظومة التربية والتكوين. مما سيؤدي, ما لم يتم تدارك الامر، إلى نسف الحلقة الاساسية في أي تغيير حقيقي الا وهو العنصر البشري.
بعيدا عن المنطق العاطفي في التضامن، رغم أننا لا ننفيه بالبث، لابد من الاشارة إلى نقطة مهمة جدا الا وهي أننا قد نختلف أو نتفق مع ما قام به الاساتذة واختيارهم لهذا التوقيت أو ذاك. قد تكون لدينا تقديرات أخرى غير تقديراتهم. لكن لا يمكن أبدا أن نقبل بمنع الاحتجاج أو تفريقه بالعنف ولو كان عنفا مشروعا. وذلك نظرا، على الاقل، للظرفية الحساسة والدقيقة التي يمر منها البلد.
واعتبارا لكون الاعلام الخارجي يسلط كاميراته ويراقب عن كثب ما يحدث في المغرب. ولعدة اعتبارات اخرى لا يتسع المجال للخوض فيها.
ولا يسعنا في الاخير إلا الدعوة أولا، الى الالتزام في فض الاحتجاجات بما هو منصوص عليه قانونا؛ وثانيا، إلى الحوار الجاد والمسؤول كمدخل للحل والتأكيد على أن العنف قد يؤدي إلى سيناريوهات لسنا في حاجة اليها. وكم من خطأ مهني بسيط أدى إلى قيام ثورات.