الصحافة _ وكالات
قال الأمير هشام العلوي إنه لم يعد للقضية الفلسطينية القدر نفسه من التأثير على السياسات الوطنية مقارنةً بالذي كان في الماضي، فإيديولوجياً، تكبّد الفلسطينيون ثمن تراجع الإيديولوجيات الوحدوية عربياً، سواء بما يخص القومية العربية أو الإسلام السياسي، والتي كانت تحثّ على دعم تقرير الفلسطينيين لمصيرهم.
وأشار الأمير في مقال مطول على موقع “أوريون 21” حول القضية الفلسطينية، أن عدّة دول عانت منذ بدء الربيع العربي من نزاعات أو عمليات انتقال سياسي مضطربة، وصارت مجتمعات الدول العربية تصبّ اهتمامها أكثر على النزاعات المحلية لأجل الكرامة والعدالة، بدلاً من الشواغل الإقليمية على غرار فلسطين.
ولفت إلى أنه رغم زمن التطبيع الجديد، المتجسّد في اتفاقات أبراهام، لا يمثّل تقاطع مصالح عرضي بقدر ما هو هيكلة جديدة للديناميكيات الإقليمية، فقد برز تحفيز جديد على التطبيع في كلّ مرحلة.
وأضاف “جاء الزخم الأول نحو التطبيع من المحور المناهض للثورات، فبدفع من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خلال الربيع العربي، سعت الثورة المضادة إلى إفراغ كافة الإيديولوجيات من معانيها، تلك المتعلقة بالقوميّة والإسلام السياسي العربيين، وكذلك الليبرالية والنشاط الديموقراطي، وكان هدفها تحصين الأنظمة الاستبدادية عبر تجفيف أيّ منبع للتعبئة الشعبية”.
وتابع “عقب ذلك، أتى الزخم الثاني نحو التطبيع من الرغبة في الاستجابة للسياسة الأميركية الخارجية في ظلّ إدارة ترامب، إذ أتاحت “صفقة القرن” فرصةً لحلفاء الولايات المتحدة القدامى لتعزيز مكانتهم الجيوسياسية، وللحلفاء الجدد لكسب نفوذ في واشنطن عبر إبراز مواقفهم المؤيدة لإسرائيل، ثم دخلنا في مرحلة ثالثة منذ رحيل ترامب، حيث تخلّت الدول العربية عن التزاماتها وتحالفاتها القديمة، وأخذت تسعى في ظلّ هيمنة أميركية متقهقرة، إلى تحقيق مصالحها الخاصة”.
وأوضح أنه في الخليج، مثلاً، ترى الإمارات في إسرائيل حليفاً في إطار الترتيبات الأمنية المتبادلة والهادفة إلى مواجهة إيران التي ينظران إليها على أنّها تشكّل تهديداً وجودياً.
كما أنّ الإمارات تعتبر أيضاً أنّ الصلات التكنولوجية والمالية الإسرائيلية حيويّة من أجل النفاذ الاقتصادي إلى إفريقيا، ومن جهته، يرى المغرب في إسرائيل شريكاً مفيداً في وجه تقدّم الجزائر في بعض القطاعات العسكرية، أما المسئولون السودانيون، فقد قفزوا في قطار التطبيع لأنّه أتاح حذف البلاد من لائحة الدول الداعمة للإرهاب، مانحاً إياهم إمكانية الانفتاح على التعاون الاقتصادي والعسكري مع الغرب.
وأشار أن إغفال المسألة الفلسطينية لا يتم في إطار توافق إقليمي جديد، وإنّما لم يعد ثمةّ نظام إقليمي، فالتحالفات التقليدية جرى استبدالها بمشهد دائم التبدّل من النزاعات والتكتلات الظرفية، وكلّ دولة تنظر إلى النظام الإقليمي على أنّه بمثابة مائدة كبيرة بمقدورها أن تأكل منها وتتخذ مواقف تبدو متناقضة، المحاور الدائمة أقل من التحالفات المؤقتة. ونماذج التعاون هذه نفعية، لا تقوم على توافق إيديولوجي، وإنّما على تقاطعات مؤقتة لمصالح متماسة.
وأكد أن فلسطين تعرضت لانتكاسة في هذه المرحلة الجديدة، ورُغم ذلك، لن تتبدد الأزمة، فالفلسطينيون في مأزق اليوم، غير أنّ التاريخ يظهر أنّ مطالب التحرّر تبقى، حتى في وجه استعمار لا يرحم، فإيرلندا الشمالية مثلاً ثمرة الاستعمار البريطاني لإيرلندا قبل 600 عام، ورغم ذلك، حتى اتفاق الجمعة العظيمة لم يحلّ تماماً التوتر الديني والقومي، وبالمثل ستستمر القضية الفلسطينية، فالتحرّر تطلّع إنساني أساسي، يصمد أمام كافة الضغوط الجيوسياسية والدينية التي تحكمه حالياً.
المصدر: لكم