الصحافة _ سعيد بلخريبشيا
في صورة سوداء قاتمة بثت القناة السادسة الإسبانية la sexta، ليلية يوم الأحد 17 نونبر 2019، على الساعة التاسعة والنصف، تحقيقا تلفزيونيا عن الهجرة غير الشرعية للقاصرين المغاربة غير المرافقين إلى إسبانيا، وعن مراكز ايوائهم بمنطقة اندلوسيا ومنطقة كاتالونيا.
ومن خلال تتبع البرنامج تبدو زاوية التحقيق تهدف إلى توجيه الرأي العام بشكل ذكي وغير مباشر، إلى إعطاء صورة سوداء عن المغرب الذي يفر منه أطفاله الصغار وأبناؤه القاصرين مغامرين بأرواحهم للهجرة إلى الضفة الشمالية من المتوسط وكأن البلاد تعيش حربا أو مجاعة.
وصَوٌَرَ البرنامج بعض الحالات على أنها تأتي للبحث عن ما تأكل وتشرب، وأخرى للبحث عن عمل ومدخول قار، وأخرى تفضل العيش في الغربة على أن تعود للمغرب.
غير أن ما يثير الانتباه في البرنامج هو تركيزه على حالات محددة من شمال المغرب معظمها من منطقة الريف من الناظور والحسيمة، ليجعل المشاهد يتساءل عن السبب، ويحيي ذاكرة احتجاجات الريف.
ولم يفوت التحقيق الاستماع إلى شهادة شهود غير معروفين تم تغطية وجوههم، تحدثوا عن وجود عمليات فساد كبيرة في موانئ طنجة وعمليات رشوة مقابل العبور إلى اسبانيا. مبالغ مالية يدفعها المهاجرون ليسمح لهم بركوب البواخر الكبيرة ولو كانوا قاصرين أو أطفالا حسب شهادة الشهود.
إلى ذلك أعطى التحقيق صورة سيئة عن سمعة هؤلاء القاصرين في اسبانيا، وأنهم مصدر جرائم كثيرة، الشيء الذي جعل مقدم البرنامج يستعين برأي حزب vox اليميني المتطرف خلال حملته الانتخابية الأخيرة، والذي يرفض وجود مثل هؤلاء المهاجرين. كما لم يستمع محقق البرنامج إلى آراء باقي الأحزاب الاسبانية وعلى رأسها الحزب الاشتراكي الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مكتفيا بالاستماع إلى وجهة نظر أنصار فوكس الذين رفضوا وجود هؤلاء “المجرمين الصغار” في اسبانيا.
البرنامج يطرح عدة علامات استفهام. لماذا ركز فقط على القاصرين المغاربة، رغم وجود قاصرين من الجزائر وتونس ودول إفريقية جنوب الصحراء؟. ماذا عن توقيت البرنامج بُعيد الانتخابات و في سياق تشكيل الحكومة الإسبانية وإعداد برنامجها؟. السؤال الأهم هو ما هو دور وزارة الخارجية في مواكبة وتأطير هؤلاء المهاجرين الصغار هل هناك خطط للتدخل أم هم متروكون لقدرهم ولتأطيرهم من قبل الإسبان ومن قبل جمعيات مجهولة الهوية والأهداف الشيء الذي قد يجعلها عرضة للاستقطاب المتطرف؟.