الصحافة _ كندا
في واحدة من أخطر الفضائح التي هزت الجهاز الأمني الإسباني، كشفت تحقيقات داخلية تورط عدد من عناصر الحرس المدني المتمركزين بميناء مدينة سبتة في تسهيل و”تأمين” عمليات تهريب الحشيش المغربي عبر نفق سري، مقابل رشاوى مالية بلغت 120 ألف يورو تم تقاسمها بينهم بالتساوي.
صحيفة La Razón، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة، أكدت أن الأمر لا يتعلق بحالات معزولة، بل بـ”هيكل أمني داخلي” داخل تنظيم إجرامي محترف، تخصص في تهريب كميات ضخمة من الحشيش عبر نفق سري طوله 50 متراً، لا يتعدى عرضه 40 سنتيمتراً، تم اكتشافه يوم 19 فبراير المنصرم. التحقيقات الجارية تحت إشراف القاضية ماريا تاردون من المحكمة الوطنية الإسبانية، تتم في سرية تامة ضمن ما بات يُعرف بعملية “هاديس”، وهي العملية التي فُتحت بعد تكرار ضبطيات مشبوهة لشحنات حشيش في ميناء الجزيرة الخضراء، دون تسجيل أي تحذيرات أمنية من عناصر الحرس المدني في سبتة، ما أثار شكوكاً قوية حول وجود تواطؤ واضح.
المعطيات الخطيرة التي كشفتها التسجيلات الهاتفية والمراقبة الميدانية، بيّنت أن التنظيم كان يعمل في جو من “الإفلات من العقاب”، بفضل الغطاء الذي وفرته شبكة من رجال الأمن الإسبان. بعضهم كان يتلقى مبالغ مالية محددة مقابل “الخدمات”، من بينها مبلغ 5 آلاف يورو سُلّم لأحدهم يوم 8 ديسمبر 2024، كثمن لحمايته إحدى عمليات التهريب.
الفضيحة انفجرت بشكل نهائي بعد إحباط محاولة ضخمة لتهريب 1.4 طن من الحشيش في 30 يناير الماضي عبر النفق المكتشف، وهو ما أدى إلى تفكيك جزء كبير من الشبكة واعتقال عدد من أعضائها، مع ترجيحات بأنها تنشط منذ سنوات طويلة في صمت.
في الوقت نفسه، تحركت السلطات المغربية بشكل فوري، وفتحت تحقيقات ميدانية في الجانب الحدودي المحاذي لسبتة، مع تنفيذ عمليات تفتيش في المنازل المجاورة للسياج، بحثاً عن منافذ محتملة تقود إلى هذا النفق الذي كشف عمق التنسيق الإجرامي بين شبكات التهريب وبعض الأجهزة الأمنية الإسبانية. هذه التحقيقات تؤكد مرة أخرى أن الحرب على التهريب لم تعد فقط مواجهة مع المافيات، بل باتت تتطلب تطهير الأجهزة الأمنية نفسها من الاختراق والفساد.
فضيحة “نفق سبتة” أعادت إلى الواجهة أسئلة مقلقة حول مدى اختراق عصابات التهريب للجهاز الأمني الإسباني، وحول مدى صلابة التعاون الأمني بين مدريد والرباط، في ظل تحديات تتجاوز مجرد نقل الحشيش، إلى اختبارات حقيقية لمصداقية الأجهزة في محاربة الجريمة المنظمة.