الصحافة _ كندا
يعرف نظام “المقاول الذاتي” بالمغرب جدلاً متزايداً في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، بعدما تم تقديمه قبل نحو عقد كآلية لإدماج القطاع غير المهيكل وتشجيع المبادرة الفردية. فرغم أن عدد المنخرطين فيه بلغ أكثر من 430 ألف شخص، فإن مؤشرات عدة تكشف عن انحرافات في التطبيق، أبرزها لجوء بعض الشركات والمؤسسات، بما فيها العمومية، إلى فرض هذا النظام لتفادي أعباء التشغيل النظامي.
ويثير هذا الواقع تساؤلات بشأن مدى احترام الأهداف الأصلية للنظام، في ظل تصاعد شكاوى المقاولين الذاتيين من محدودية الامتيازات الفعلية مقارنة بالتزاماتهم، خاصة ما يتعلق بالعبء الضريبي الذي يصل إلى 30% عند تجاوز رقم معاملات سنوي بـ80 ألف درهم مع زبون واحد. كما أضحى هذا النظام، بحسب متخصصين، وسيلة لتفريغ عقود الشغل من مضمونها، لا سيما من طرف منصات رقمية تستغل صيغته لإبرام علاقات عمل مرنة.
أمام هذه التحديات، يتصاعد النداء لإعادة تقييم شاملة لهذا الإطار القانوني، تشمل إصلاح الجوانب المالية والضريبية، وتحقيق التوازن بين تحفيز المبادرة الفردية وحماية الحقوق الاجتماعية للمشتغلين في هذا الإطار. كما أن تطوير النظام يفترض تمكين المقاولين الذاتيين من التدرج نحو تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة، مع فتح آفاق أكبر أمامهم للولوج إلى الصفقات العمومية والخاصة.
وبينما يُجمع الخبراء على أن النظام ساعد نسبياً في هيكلة فئات من القطاع غير المهيكل، فإن مواكبته للتطورات الجديدة في سوق الشغل الرقمي والتحول نحو الاقتصاد المنظم تتطلب نقاشاً عمومياً مؤسساً، يضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية ويعزز القدرة الإنتاجية والاستقلال المهني للمقاول الذاتي.