الصحافة _ كندا
تتواصل بمدينة فكيك موجة الغضب الشعبي للسنة الثانية على التوالي ضد ما تصفه الساكنة بـ“خوصصة الماء”، بعد قرار الجماعة الترابية الانضمام إلى مجموعة جماعات الشرق للتوزيع، التي فوضت تدبير هذا القطاع للشركة الجهوية المتعددة الخدمات.
الاحتجاجات التي اتخذت أشكالا متنوعة، من مسيرات نسائية وشعارات قوية إلى وقفات رمزية، رفعت فيها اللافتات المطالبة برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وتعتبر ساكنة فكيك أن الماء ليس سلعة بل حق إنساني وملكية جماعية متجذرة في هوية الواحة ونظامها البيئي، وترى أن تفويت تدبيره لشركة جهوية يُشكّل “تعديًا على الخصوصية التاريخية للمنطقة” التي بنت منذ عقود نموذجًا فريدًا في تسيير مواردها المائية على أساس التعاون والتضامن، حيث أن أكثر من 80% من الأسر تواصل مقاطعة أداء فواتير الماء للسنة الثانية، في رسالة رفض واضحة لما تعتبره “اغتصابًا لحقها الطبيعي في تقرير مصيرها المائي”.
الاحتجاجات قادتها النساء في الصفوف الأولى، بلباس الواحة التقليدي، وهنّ يرددن شعارات ضد الحكومة وضد أخنوش شخصيًا، معتبرات أن القرار “جريمة في حق الواحة” التي تعيش من توازن دقيق بين مياه الشرب والسقي.
وفي الوقت نفسه، يعيش المجلس الجماعي حالة شلل شبه تام بعد استقالات متتالية لأعضائه من مختلف الأحزاب، احتجاجًا على قرار تفويت الماء، لتتحول فكيك إلى مدينة بلا مجلس فعلي، تحكمها القرارات الإدارية بدل التوافق المحلي.
وتؤكد الساكنة أن ما يجري يناقض التوجيهات الملكية الداعية إلى العناية بالمناطق الهشة والواحات، وهو ما عبّر عنه الناشط الحقوقي مصطفى الإبراهيمي، حين قال إن “فكيك تخوض معركة الكرامة دفاعًا عن الماء، لا ضد الدولة، بل ضد تغوّل الشركات التي تريد تحويل الحق إلى رقم في فواتير الربح”.
وبين صمت الحكومة وتمسك الساكنة بموقفها، يتكرّس في فكيك مشهد رمزي عميق: واحة عطشى تصرخ في وجه من يرفع شعار “الدولة الاجتماعية” ويطبّق سياسات السوق. شعارات “ارحل أخنوش” لم تعد هتاف غاضب، بل صرخة وعي من هامشٍ قرر أن يقول بصوت مرتفع: الماء للحياة لا للبيع.














