الصحافة _ كندا
أعادت الفاجعة الأخيرة التي أودت بحياة سبعة أشخاص تسليط الضوء من جديد على الخطر المتصاعد الذي تمثله الدراجات ثلاثية العجلات، المعروفة في المغرب بـ”التريبورتورات”، والتي تحولت إلى كابوس يومي يهدد الأرواح في مختلف المدن، في ظل تزايد الحوادث، وغياب الرد الجدي من الحكومة.
فوفق معطيات رسمية، تجاوز عدد “التريبورتورات” المسجلة في المغرب 100 ألف وحدة، بينما تم تسجيل أكثر من 3000 حادث سير مرتبط بها خلال سنة واحدة فقط، أسفرت عن وفاة 80 شخصاً، ناهيك عن حصيلة تراكمية ثقيلة تشير إلى أكثر من 70 ألف حادثة و1400 قتيل منذ دخول هذه الدراجات المجال الطرقي.
ورغم هذا الوضع الخطير، ظل رد الحكومة دون مستوى التحديات، إذ اكتفى وزير النقل واللوجستيك السابق محمد عبد الجليل بتحميل المسؤولية للمواطنين، معتبراً أن أصل المشكل يكمن في استخدام “التريبورتورات” لنقل الأشخاص عوض البضائع، دون أن يقدم أي حلول عملية لوقف النزيف اليومي.
أما الوزير الأسبق عبد القادر عمارة، فقد حمّل وزارة الداخلية المسؤولية المباشرة عن مراقبة هذه المركبات وضبط استعمالها، مؤكداً أن الرخص الممنوحة تنص على نقل البضائع فقط، وأن استغلالها في نقل الركاب يعتبر خرقاً للقانون يهدد حياة المواطنين.
الحكومة حاولت في سنة 2022 مواجهة الظاهرة بطريقة غير مباشرة عبر إجراءات جمركية لتشجيع المواطنين على اقتناء سيارات نقل البضائع، حيث خفضت الرسوم إلى 10% على المركبات التي يقل وزنها عن 3.5 طن. غير أن هذه الإجراءات لم تُفلح في تغيير الواقع، بسبب ضعف التحفيز المالي وغياب البدائل العملية.
المراقبون يرون أن “التريبورتور” أصبح رمزاً للفوضى المرورية، بالنظر إلى استغلاله في نقل الأشخاص بشكل غير قانوني، وعدم التزام سائقيه بقوانين السير، خصوصاً في ما يتعلق بالسرعة واحترام الأسبقية والتوقف عند إشارات المرور، مما حوله إلى قنبلة متنقلة في شوارع المدن.
المأساة الأخيرة، مثل سابقاتها، تدق ناقوس الخطر، وتضع الحكومة أمام مسؤوليتها في حماية أرواح المغاربة، عبر بلورة خطة وطنية متعددة الأبعاد، تقوم على الردع القانوني، وتوفير بدائل نقل حقيقية، وتحسيس الرأي العام، قبل أن يتحول “التريبورتور” إلى رمز رسمي للإهمال المؤسسي.