نزار بركة يكتشف فجأة “مغرب السرعتين” وينسى أنه أحد مهندسيه

24 أكتوبر 2025
نزار بركة يكتشف فجأة “مغرب السرعتين” وينسى أنه أحد مهندسيه

الصحافة _ كندا

في الوقت الذي يُفترض فيه أن يقدم الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، حلولًا واقعية للأزمات البنيوية التي يعيشها المغرب، عاد الرجل ليُكرر “مغرب السرعتين”، دون أن يضع إصبعه على جوهر الخلل: سياسات الحكومات التي شارك فيها حزبه لعقود، والتي ساهمت في تكريس الفوارق المجالية والاجتماعية التي يتحدث عنها اليوم.

بركة، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب وزير التجهيز والماء، اختار في ندوة نظمها جناحه المهني بالدار البيضاء، أن يُلقي محاضرة في “العدالة المجالية”، ناسياً أن وزارته مسؤولة عن عشرات المشاريع المتعثرة في القرى والمناطق النائية، وعن البنيات التحتية التي لم تر النور رغم الوعود المتكررة.

فكيف يتحدث عن “مغرب يسير بسرعة واحدة”، بينما الطرق القروية في تاونات ووزان وصفرو لا تزال غارقة في الوحل، والماء الذي يشرف عليه لم يصل بعد إلى نصف سكان البوادي حسب اعترافه نفسه؟

إن تصريحات بركة التي حذر فيها من “كبح تنمية الجهات المتقدمة لمعادلتها مع الجهات المتأخرة”، فُهمت لدى كثيرين على أنها تبرير ناعم لاستمرار اختلال ميزان التنمية، وتغطية سياسية على نموذج اقتصادي يراكم الثروة في ثلاث جهات فقط، بينما تُترك تسع جهات أخرى على هامش الخريطة. الخطاب بدا وكأنه يطلب من المغاربة “الصبر على اللاعدالة”، بدل أن يُقدم التزامات واضحة لتصحيحها.

أما حديثه عن “تنويع الاقتصاد القروي” و”تشجيع المقاولة القروية”، فقد بدا للبعض أقرب إلى وصفة نظرية تُلقى من منصة ندوة، لا من موقع وزير يملك أدوات التنفيذ. فالاقتصاد القروي في المغرب ما يزال رهينة الفلاحة الموسمية وضعف البنية التحتية، ولم يُبدِ حزب الاستقلال ولا الحكومة التي ينتمي إليها أي رؤية عملية لتغييره.

والمفارقة أن بركة، بدل أن يُقرّ بمسؤولية المنظومة السياسية التي ينتمي إليها، فضّل أن يُلقي باللوم على “التغيرات المناخية” وكأنها السبب الوحيد في الأزمة.

أما ما وصفه بـ”الميثاق الأخلاقي” لبناء مغرب عادل وموثوق، فقد أثار سخرية المتابعين الذين ذكّروه بأن الأخلاق السياسية تبدأ من داخل الأحزاب نفسها، من احترام الديمقراطية الداخلية وتكافؤ الفرص وتداول المسؤولية، وهي مبادئ لم يعد حزب الاستقلال ذاته نموذجًا فيها منذ سنوات.

لقد بدا خطاب نزار بركة كأنه تمرين في التبرير أكثر منه تشخيصًا نقديًا، وكأن الرجل ينسى أنه وزير في حكومة تُعمّق، كل يوم، الفوارق التي يتحدث عنها.

فبدل أن يدعو إلى “مغرب متعدد الأقطاب الاقتصادية”، ربما كان الأجدر به أن يلتزم بإنجاز طريق قروية واحدة تُعيد الثقة في الدولة لدى من يعيشون خارج المدار الحضري الذي لا تزال النخب الحزبية تُديره بعقلية المركز لا الوطن.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق