الصحافة _ كندا
من قلب المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة أن المغرب، بفضل الرؤية الملكية، جعل من الاستدامة دعامة أساسية لضمان الأمن المائي، معتبرا أن المياه لم تعد مجرد مورد طبيعي بل أصبحت أولوية استراتيجية في قلب السياسات العمومية. الوزير أشار إلى أن التحديات المناخية والاجتماعية المتصاعدة، وما رافقها من سبع سنوات عجاف من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة بـ1.8 درجة، فرضت على المملكة تغيير نمط التفكير والانتقال إلى نموذج تدبيري مبتكر، أكثر عدالة ونجاعة، يستند إلى التخطيط الديناميكي والتدبير اللامركزي حسب خصوصيات الأحواض المائية.
بركة أوضح أن وزارته، بشراكة مع مختلف الفاعلين، اعتمدت سياسة مائية استباقية وشاملة تستهدف تلبية 100 في المائة من حاجيات مياه الشرب، وتدبير 80 في المائة من المياه المخصصة للفلاحة، وهو ما يندرج في إطار الرؤية الملكية التي تنص على تحيين مستمر للأهداف والسياسات حسب تغير المعطيات المناخية والطبيعية. هذه السياسة، كما وصفها الوزير، ترتكز على محاور رئيسية تشمل تنمية الموارد التقليدية من خلال بناء السدود وتجميع مياه الأمطار، والربط بين الأحواض، وتعبئة المياه الجوفية، بالإضافة إلى تنقية السدود من الأوحال، مع الإشارة إلى أن المغرب بات يتوفر على 154 سدا بسعة إجمالية تفوق 20 مليار متر مكعب، و16 سدا في طور الإنجاز، وثلاثة أخرى مبرمجة هذا العام، على أمل تجاوز 25 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
أما في ما يخص الموارد غير التقليدية، فقد أكد الوزير أن المغرب انخرط بقوة في استراتيجية تحلية مياه البحر، حيث من المرتقب أن ترتفع القدرة الإنتاجية من 140 مليون متر مكعب سنة 2022 إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول سنة 2030. وأوضح أن هذه الزيادة ستخصص لتلبية حاجيات الشرب والصناعة والطاقة والري، مع تخصيص 500 مليون متر مكعب لري ما يقارب 100 ألف هكتار من الأراضي. محطة تحلية الداخلة، التي سيتم إنجازها نهاية هذا العام، ستوفر لوحدها 37 مليون متر مكعب، فيما ستبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة الدار البيضاء 300 مليون متر مكعب، منها 50 مليون متر مكعب موجهة للري، ما سيمكن من سقي حوالي 8000 هكتار.
نزار بركة قدّم في مكناس خطابا أقرب إلى إعلان سياسي منه إلى عرض تقني، واضعا معركة الماء في قلب السيادة الوطنية ومقاربة التنمية، ومؤكدا أن الرهان لم يعد فقط تأمين المورد بل تحويله إلى رافعة استراتيجية قادرة على تجاوز منطق الطوارئ إلى أفق الاستدامة.