مونديال 2030 بين طموحات البناء وهاجس الاستدامة.. دراسة أكاديمية تدق ناقوس الخطر

5 أغسطس 2025
مونديال 2030 بين طموحات البناء وهاجس الاستدامة.. دراسة أكاديمية تدق ناقوس الخطر

الصحافة _ كندا

بينما يسير المغرب بخطى متسارعة نحو تنظيم أضخم تظاهرة كروية في العالم سنة 2030، تبرز أصوات أكاديمية تطالب بتجاوز منطق الانبهار اللحظي بأوراش البناء والإعمار، نحو بلورة رؤية تنموية شاملة تضمن استمرارية العائدات بعد إسدال الستار على الحدث.

دراسة حديثة أنجزها الأستاذ الباحث عادل المعروفي، من الكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، نبّهت إلى خطورة ما وصفته بـ”الارتباط المشروط” بين نجاح الاستثمار العقاري المتصل بالمونديال، وبين قدرة الدولة على تأطيره ضمن استراتيجية تنموية مستدامة لما بعد البطولة.

الوثيقة، التي حصلت “نيشان” على نسخة منها، حذّرت من سيناريو الهدر العقاري، حيث تتحول الملاعب ومناطق الإيواء والفنادق – التي يُنظر إليها اليوم باعتبارها مشاريع استثنائية – إلى هياكل فارغة بعد نهاية الحدث. واستحضرت الدراسة تجارب دولية مشابهة، على غرار البرازيل وجنوب إفريقيا، حيث بقيت منشآت ضخمة شُيدت لمونديالات سابقة شاهدة على فشل استثمارها بعد انتهاء المنافسات.

في ريو دي جانيرو، على سبيل المثال، تحوّلت بعض الملاعب الكبرى إلى أطلال داخل أحياء مهمّشة، فيما بقيت “ملاعب الأشباح” في جوهانسبرغ دليلاً مادياً على غياب الاندماج بين البنية التحتية والأنشطة الاقتصادية المحلية.

وبأسلوب مباشر، شدّد الباحث على أن “مجرد البناء لا يكفي، بل ينبغي التفكير مسبقاً في الكيفية التي ستُستغل بها هذه البنيات بعد انتهاء البطولة”، مشيراً إلى أن غياب التخطيط البعيد المدى يهدّد بتحويل هذه الاستثمارات إلى عبء على المالية العمومية.

وتقترح الدراسة اعتماد مخططات ما يُعرف في أدبيات التخطيط الحضري بـ”برامج ما بعد الحدث”، والتي تستبق سيناريوهات الفراغ عبر إدماج المجتمع المدني والقطاع الخاص في صيانة وتسيير هذه المنشآت، وإعادة تأهيل جزء منها لأغراض ثقافية أو تعليمية أو تجارية، مما يضمن ديمومتها وتحولها إلى دعامة للتنمية المحلية.

كما عبّرت الدراسة عن قلق بالغ من “الإفراط في اللجوء إلى نزع الملكية”، معتبرة أن عدداً من المشاريع الكبرى قد تتحول إلى “فضاءات مغلقة” لا تخدم الساكنة ولا تنسجم مع النسيج الحضري والاجتماعي للمدن المعنية.

وتشدّد الدراسة على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في التشييد، بل في القدرة على إدماج هذه المشاريع في رؤية شمولية تتجاوز لحظة الحدث نحو استثمار دائم في البنيات والخدمات والتنمية المجالية، خاصة في مدن الداخل التي تعاني من خصاص حاد في البنيات التحتية والسكن والخدمات.

تحذيرات المعروفي تأتي في سياق تزايد القلق وسط عدد من الفاعلين والخبراء، في ظل الغموض المحيط بتمويل بعض المشاريع الكبرى وتعثر أخرى، مما يطرح علامات استفهام حول مدى استعداد البلاد لتحويل لحظة المونديال إلى فرصة تاريخية للإصلاح العمراني والاجتماعي.

فإذا كان تنظيم المونديال يمثل لحظة دولية رمزية مشرقة، فإن استدامة أثره التنموي تظل مرهونة بحُسن التخطيط، وتوجيه الاستثمارات نحو تحولات هيكلية تعالج اختلالات التعمير والعقار، لا أن تكتفي بواجهة زاهية تخفي وراءها هشاشة قد تطفو على السطح بعد صافرة النهاية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق