الصحافة _ كندا
في تقرير استخباراتي مقلق نشرته الصحافة الإسبانية، كشفت مصادر أمنية رفيعة عن معطيات صادمة مفادها أن شباناً نشأوا داخل مخيمات تندوف، تحت سيطرة جبهة البوليساريو، أصبحوا اليوم من كبار القيادات في تنظيم “داعش-فرع غرب إفريقيا” (ISWAP)، أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل.
الخبر أحدث صدمة داخل الأوساط الأمنية الأوروبية، إذ لم يعد الحديث عن الانفصال محصوراً في جغرافيا الصحراء، بل اتّخذ طابعاً عابرًا للحدود يحمل معه تهديدًا أمنياً مباشراً لأوروبا. الصحيفة الإسبانية La Vanguardia نقلت عن مصادرها أن العديد من هؤلاء المتطرفين تلقّوا في صغرهم تربية داخل برنامج “عطل في سلام”، الذي كان يُفترض أن ينشر ثقافة التعايش، لكنه انتهى بتكوين عناصر تتقن اللغة الإسبانية وتملك فهماً دقيقاً للثقافة الأوروبية.
هذا المزيج من المعرفة الأوروبية والانتماء الأيديولوجي المتشدد حوّلهم، بحسب الاستخبارات، إلى قنابل موقوتة قادرة على التغلغل في المجتمعات الغربية دون إثارة الشبهات، في وقت بدأت فيه التنظيمات الجهادية تعيد ترتيب صفوفها عقب أفول نجمها في الشرق الأوسط.
التحقيقات الجارية في مالي وبوركينا فاسو توصلت إلى أن هؤلاء الصحراويين تم تجنيدهم داخل بيئة تفتقد للأمل والسيادة، حيث باتت مخيمات تندوف، المغلقة بإحكام أمام الإعلام والمراقبة الدولية، أرضًا خصبة لتغلغل الفكر المتطرف.
التنظيم الإرهابي ISWAP لا يتحرك في فراغ. إنه ينشط ضمن شبكة معقدة تربط الإرهاب بالهجرة غير النظامية والتهريب العابر للحدود، ويُخشى أن تُستخدم هذه الشبكات كنقطة عبور نحو الأراضي الأوروبية، خصوصاً عبر الطريق المؤدي من موريتانيا إلى جزر الكناري.
أمام هذا التهديد المتنامي، تجد إسبانيا نفسها في عين العاصفة. فعلاقاتها التاريخية والثقافية مع شمال إفريقيا لم تعد تُترجم فقط في التبادل والتعاون، بل باتت تشمل أيضاً تهديدات أمنية تتسلل من خلف شعارات “التحرر” التي طالما احتفت بها بعض الأوساط اليسارية الأوروبية.
اللافت أن هذه المعطيات تمرّ في صمت دولي مثير. فالعالم منشغل بجبهات أخرى، والحزام الجنوبي لأوروبا بات مكشوفاً أمام قوى جهادية تتقن لغته وتفهم مجتمعه.
أمام هذه التطورات، يُطرح سؤال جوهري: هل كانت جبهة البوليساريو مجرد حركة تحرير، أم واجهة لتكوين جيل جديد من المتطرفين الذين يرون في العنف وسيلة لفرض وجودهم؟ العالم يقف اليوم أمام خيارين: إما مواجهة الحقيقة كما هي، أو انتظار قادة إرهابيين يتحدثون الإسبانية بطلاقة، ويحملون في عقولهم مشروع “خلافة” لا تعترف لا بالحدود ولا بالسيادة.