الصحافة _ كندا
في مشهدٍ غريبٍ ومثير للجدل، تحوّل طفلٌ لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره من متهم بسرقات متعددة إلى ما يشبه “النجم الشعبي” في شوارع الدار البيضاء وعلى منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن صار الناس يلتقطون معه الصور ويحيطونه بالإعجاب، في ظاهرة تكشف الوجه المظلم لتأثير الشبكات الاجتماعية على القيم والسلوك.
الطفل الذي اشتهر بلقب “ميسي السرقات”، كان موضوع بلاغات عديدة تتعلق بسرقة دراجات وهوائية وتروتينات من منازل ومحلات تجارية في منطقة البرنوصي، غير أن بعض رواد الإنترنت حولوه إلى “بطل صغير” بعد تداول مقاطع تظهره يضحك ويتفاعل مع “معجبين”، وكأنّ الأمر يتعلق بنجم كرة قدم لا بطفل منحرف السلوك.
هذا الانقلاب في الصورة جعل المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس يُدقّون ناقوس الخطر، محذرين من أن “التطبيع مع الانحراف” عبر وسائل التواصل قد يُنتج جيلاً يرى في الجريمة وسيلة للشهرة لا سببًا للعقاب، خاصة في غياب التوعية الأسرية والمدرسية.
ويرى خبراء أن هذه الواقعة تُجسّد أزمة تربوية وإعلامية مزدوجة، حيث يُكافأ السلوك المنحرف بالاهتمام، بينما تغيب القدوة الإيجابية عن المشهد، في ظل هشاشة المنظومة الاجتماعية التي لم تعد قادرة على حماية الأطفال من الاستغلال أو من “الترند الزائف”.
وفيما أطلقت النيابة العامة سراح الطفل بعد الاستماع إليه بحضور والدته، التي تعهدت بمراقبته، فإنّ الحادثة تركت وراءها تساؤلات حارقة: هل أصبح الانحراف طريقًا إلى الشهرة في زمن “اللايكات”؟، وأين يبدأ دور الأسرة وينتهي دور المجتمع في تربية جيل فقد البوصلة بين الجريمة والمجد؟