من أجل تنمية حقيقية تُنصف المغاربة

23 يوليو 2025
من أجل تنمية حقيقية تُنصف المغاربة

الصحافة _ بقلم: نجيب الأضادي

رغم مرور أكثر من عقدين على انطلاق ورش الإصلاحات الكبرى، ما تزال مظاهر القصور التنموي تفرض نفسها بحدة في عدد من مناطق المغرب، لتكشف عن اختلالات عميقة في تدبير الشأن العام المحلي، وعن عجز مستمر في قيام المنتخبين بمهامهم والبرلمانيين باختصاصاتهم الدستورية، بل وحتى في اضطلاع السلطة بدورها في مواكبة وتتبع أداء الجماعات الترابية والإدارات المحلية.

إن النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، لا يمكن أن يُنَزّل على الأرض بدون إرادة حقيقية وتعبئة جماعية وقيادات محلية ومؤسسات منتخبة تمتلك الكفاءة والنزاهة والرغبة الصادقة في التغيير. فكيف يمكن تحقيق الإقلاع المنشود، وجزء من المواطنين ما زال يئن تحت وطأة الحاجة، محروم من أبسط شروط العيش الكريم: التعليم الجيد، العلاج في ظروف إنسانية، شغل يحفظ الكرامة، وسكن لائق، فضلاً عن خدمات أساسية كالماء الصالح للشرب والكهرباء والنقل؟

لقد عبّر جلالة الملك، في أكثر من خطاب، عن خيبته من أداء النخب السياسية، وعن ضعف مصداقية بعض المؤسسات المنتخبة، بل ووصف بعض الممارسات بالعبثية، عندما تتحول الانتخابات إلى وسيلة للاغتناء بدل أن تكون أداة لخدمة المواطنين. كما لم يتردد في دعوة الأحزاب لتجديد نخبها وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحفيز الطاقات الحقيقية على الانخراط في الحياة العامة.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار ما تحقق من منجزات بفضل الرؤية الملكية المتبصرة في عدد من المجالات، كالبنية التحتية، والطاقات المتجددة، والسيادة الغذائية والصحية، ومكانة المغرب في محيطه القاري والدولي، إضافة إلى المشاريع المهيكلة الكبرى كميناء طنجة المتوسط، والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، والعدالة المجالية في الاستثمارات العمومية.

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى نخبة جديدة، مؤمنة بمشروع وطني جامع، تجعل من خدمة الوطن أولوية لا شعارًا، وتنتقل من منطق الولاء الحزبي الضيق إلى منطق الكفاءة والنتائج والنجاعة. نحن بحاجة إلى دولة ناجعة، بمنتخبين في مستوى اللحظة، وسلطات ترابية فاعلة في الميدان، وبرلمان قوي يقوم بدوره الرقابي والتشريعي، من أجل تعميم التنمية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

إن دعوة جلالة الملك هي دعوة صريحة لبناء مغرب جديد، لا مكان فيه للكسالى والمستفيدين من الريع، بل مغرب العمل، والالتزام، والجرأة في التغيير. ولتكن هذه الدعوة بمثابة إنذار أخير لكل من لا يزال يعرقل مسيرة وطن يتطلع أبناؤه للكرامة والعدالة والمساواة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق