منع ذبح النعاج… قرار متأخر في زمن العجز الحكومي عن ضبط أسعار اللحوم

23 مارس 2025
منع ذبح النعاج… قرار متأخر في زمن العجز الحكومي عن ضبط أسعار اللحوم

الصحافة _ كندا

في محاولة يائسة لاحتواء أزمة اللحوم الحمراء التي خرجت عن السيطرة، أعلنت وزارتا الداخلية والفلاحة عن قرار يقضي بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز ابتداءً من 19 مارس 2025 إلى غاية مارس 2026. خطوة فُسرت على أنها “إجراء تقني” لحماية القطيع الوطني، لكنها في الواقع تعكس عمق التخبط الحكومي في التعامل مع أزمة غذائية تتغذى على الفوضى والمضاربة وانعدام الرؤية.

القرار، الذي جاء متأخرًا، لم يقنع المتابعين ولا الفاعلين في القطاع، إذ لا يكفي منع ذبح النعاج لوقف نزيف الأسعار، ولا لوقف استنزاف جيوب المواطنين، في وقت تؤكد فيه المعطيات الرسمية أن القطيع الوطني تراجع بنسبة 38% مقارنة بسنة 2016، بينما تستمر المضاربة على قدم وساق، حيث يُذبح يوميًا نحو 1500 خروفة في مدينة الدار البيضاء فقط، وفق إفادة فيدرالية منتجي اللحوم الحمراء بالجهة.

ورغم الاستيراد المكثف للأغنام خلال السنة الماضية، والذي تجاوز 100 ألف رأس، مع إعفاءات ضريبية ودعم وصل إلى 500 درهم للرأس الواحد، ظلت الأسعار تتصاعد بشكل جنوني، دون أن يشعر المواطن بأي أثر لهذه المجهودات على أرض الواقع. الدعم ذهب، كما هو معتاد، إلى جيوب الوسطاء واللوبيات، تاركًا المستهلك رهينة لأزمة تتفاقم سنة بعد أخرى.

من يتابع السياسات الفلاحية في المغرب، يُدرك بسهولة أن أزمة اللحوم ليست سوى عنوان بارز لفشل أوسع، اسمه “مخطط المغرب الأخضر”، الذي التهم الملايير دون أن يحقق الأمن الغذائي أو العدالة في توزيع الموارد. وفي ظرف ثلاث سنوات فقط، ارتفعت أسعار اللحوم بـ20%، بينما تُرك صغار المربين يواجهون مصيرهم في ظل منظومة تخدم الكبار فقط.

منع ذبح إناث الأغنام لن يكون أكثر من محاولة لشراء الوقت، في غياب حلول جذرية تعيد هيكلة القطاع من الأساس. ما يحتاجه المغاربة ليس قرارات ظرفية، بل إصلاح شامل يضرب بيد من حديد على المضاربين، ويضمن الدعم المباشر للمربين الحقيقيين، ويوقف فوضى الأعلاف، ويُخضع المجازر والأسواق لرقابة صارمة، ويُفرغ القطاع من كل الفاعلين الذين لا يرون فيه سوى فرصة لجني الأرباح على حساب كرامة المواطن.

فالمعركة الحقيقية اليوم ليست على عدد رؤوس الأغنام، بل على من يتحكم في مفاتيح السوق، ومن يربح من جيب المواطن، ومن يُفشل كل محاولة لبناء سيادة غذائية حقيقية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق