مغاربة بلا قبور في إسبانيا!.. تفاصيل فضيحة مدوية أبطالها كبار مسؤولي الدبلوماسية المغربية

6 أبريل 2020
مغاربة بلا قبور في إسبانيا!.. تفاصيل فضيحة مدوية أبطالها كبار مسؤولي الدبلوماسية المغربية

الصحافة _ سعيد المرابط*

«كورونا» الفيروس الصغير، والقاتل اللامرئي، لم يعد يختطف الأرواح وحسب، بل صار يفرض على ضحاياه الذين سحبهم إلى العالم الآخر أن يدفنوا غريبي الدار والجار، هذا إن وجدوا في أرض المهجر قبراً يتسع لجثثهم التي ضاقت بها تلك البلدان بما رحبت.

المهاجرون المغاربة المقيمون في إسبانيا لم تعد تسعهم قبور المقابر الإسلامية الصغيرة، حيث أدى إغلاق الحدود التي يفرضها الفيروس التاجي إلى قطع ممارسة عميقة الجذور بينهم، مثل نقل الجثث لترقد أبدِياً في بلادهم.

وأعربت الجالية الإسلامية في كتالونيا عن أسفها لهذا الوضع قبل بضعة أيام في رسالة بعث بها إلى الحكومة المحلية في كاتالونيا.

ووصلت هذه القضية الموغلة في تراجيديا «كورونا» إلى حد أن الدولة المغربية أعلنت، من خلال سفارتها وقنصلياتها، أنها ستهتم بدفن رعاياها في إسبانيا الذين راحوا في هذه الظروف، وخاصة أولئك الذين لا يملكون المال ( إجراءات الدفن باهظة الثمن، وتصل إلى 3000 يورو)، أو أولئك الذين لا تأمين لهم يمكنهم من إعادة الجثث إلى الوطن، حسبما أفادت يوم السفارة المغربية في مدريد.

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يمتد ليشمل سفارات مغربية أخرى في أوروبا.

وازدادت المخاوف بشأن مصير المغاربة المتوفين بعد تداول معلومات كاذبة تضمن حرق جثث المصابين بالفيروس التاجي، وهي ممارسة غير مقبولة في الإسلام.

هذه المعلومات دفعت اللجنة الإسلامية في إسبانيا إلى الخروج لتنكر الإشاعة وتنفيها، كما ضمنت دفن جثث المسلمين، ضحايا وغير ضحايا الفيروس التاجي، في الأرض، كما يدفن المسلمون. كانت إعادة الجنازة إلى الوطن إجراء يخفف الضغط على المقابر الإسلامية في إسبانيا وأوروبا، وخاصة للمهاجرين من الجيلين الأول والثاني، الذين كانوا يطالبون بالعودة إلى وطنهم حتى لو كان ذلك على هيئة جثة هامدة.

وهناك ما مجموعه 35 مقبرة مسلمة على وجه التحديد في جميع أنحاء إسبانيا، بالإضافة إلى بعض القبور التي تم توفيرها داخل المقابر البلدية، وهي أماكن غير كافية لخدمة مجتمع مسلم يتجاوز مليوني شخص، حسب إمام مغربي في إسبانيا، طلب عدم ذكر اسمه.
ويرى هذا الإمام أن «مشكلة المقابر بالنسبة للمسلمين ليست جديدة، لكنها ساءت الآن مع تزايد عدد القتلى وتعليق إعادة الجثث إلى الوطن».

وضرب لنا مثلاً، بمقبرة «غرينيون» الإسلامية، التي تستقبل في مدريد جثثاً من مناطق أخرى مثل (إكستر يمادورا، وكاستيا لامانتشا).
وفي الوقت نفسه، بينما تصل مقابر كاتالونيا حدها لدفن المسلمين، يشدد محمد العالمي السوسي، رئيس «جمعية أصدقاء الشعب المغربي»، على «انقسام الجالية المسلمة عندما يتعلق الأمر بالمطالبة بحقوقهم من قبل الدولة الإسبانية».

من الصعب معرفة عدد الجثث التي يتم إعادتها إلى المغرب كل شهر، أو كل عام، ولكن على سبيل المثال، تتلقى القنصلية المغربية في «رينيس» 20 طلباً في المتوسط ​​لنقل الجثث كل شهر (يوجد أكثر من 60 مكتباً قنصلياً مغربياً في أوروبا، 12 منهم في إسبانيا).

ويفسر تفضيل الدفن على الأراضي المغربية بأسباب ثقافية ولكنها أيضاً دينية؛ فهناك الكثير ممن يعتقدون أنه في بلدهم فقط ستُحترم طقوس الكفن والدفن الإسلامية بشكل صحيح.

كما تُفرض أسباب اقتصادية أخرى، حيث تبلغ نفقات الجنازة 3000 يورو، وهو ما يكلف إعادة جثة من إسبانيا أو فرنسا إلى المغرب.
وتلك ممارسة شائعة، حيث إن العديد من البنوك المغربية لديها «تأمين مخصص» (ما بين 30 و50 يورو في السنة) يغطي جميع تكاليف نقل الجثة.

يجب أن نضيف أن القبر في المغرب كما في عموم أرض الإسلام، هو مرقد مدى الحياة للجثة، بينما في أوروبا تبقى الجثث لفترة محدودة في القبر، ما لم تدفع عائلته ثمن الدفن.

ويشكو العديد من المهاجرين من الممارسات التعسفية لبعض دور الجنائز الأوروبية، في ظل عدم وجود إحصاء واضح للمجتمع المسلم في هذا الصدد.

ومع ذلك، فإن الوضع الذي تفرضه أزمة الفيروس التاجي مع إغلاق الحدود الجوية والبحرية المغربية؛ بسبب انتشار «كوفيد-19»، جعل الدفن في المقابر الأوروبية الخيار الوحيد الممكن.

وإدراكاً للوضع، طمأن المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة (مقره في بروكسل)، عضو المجلس الأعلى الرسمي للعلماء المغاربة، المهاجرين المغاربة بشأن خيار دفن المتوفين في المقابر العامة، خصوصاً تلك التي تم تخصيصها من أجل المسلمين.

ويقول المجلس، في بيان صدر مؤخراً: «يجب أن يضعوا في اعتبارهم أن الأرض ليست هي التي تجعل أي شخص مقدساً، ولكن الأعمال الصالحة هي التي تكرّم المتوفى».

ولكي لا يغلق باب تحقيق الإغفاءة الأبدية غريبة الديار، أوضحت اللجنة أن المتوفى حين يترك وصية لنقله لاحقاً إلى وطنه ستحقق «عندما تسمح الظروف بذلك».

*سعيد المرابط: صحفي بجريدة القدس العربي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق