مع تعقد المسارات.. هل يتصدع جدار تحالف الثورة السودانية؟

29 يونيو 2019
مع تعقد المسارات.. هل يتصدع جدار تحالف الثورة السودانية؟

الصٌَحافة _ وكالات

مع تعقد المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في السودان وتطاول أمدها، يرى مراقبون أن الأخيرة توجه اختبارات عصيبة على أرض الواقع وتحديات بشأن مدى تماسك تحالفها الذي تصطف داخله كيانات سياسية ونقابية عديدة تتأثر بالضرورة باتخاذ المواقف.

قبل أيام قليلة من مظاهرات مليونية دعت لها قوى الحرية والتغيير يوم 30 يونيو/حزيران الجاري، ذكرى انقلاب الرئيس المعزول عمر البشير على السلطة الديمقراطية عام 1989، دعا الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي -أحد مكونات تكتل نداء السودان المنضوي في تحالف إعلان الحرية والتغيير- لعدم التصعيد مع المجلس العسكري، وانتظار نتائج المبادرة الإثيوبية الأفريقية، مما أثار أسئلة بشأن مستقبل وحدة التحالف وطريقة رؤيته للحل.

وعلى الجانب الآخر، التقى الفريق أول محمد حمدان حميدتي بقيادات للحركات المسلحة في دارفور، منهم مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، أحد مكونات تكتل نداء السودان.

جاءت هذه اللقاءات بعد تلويح المجلس العسكري باستبعاد قوى الحرية والتغيير، وتشكيل حكومة تسيير أعمال بالاستناد إلى ثقل قيادات تقليدية، وهو ما تعتبره قوى الثورة “محاولة لإعادة إنتاج للنظام السابق على مقاعد السلطة”.

العمل السلمي

القيادية بقوى إعلان الحرية والتغيير الدكتورة تيسير النوراني لا ترى في رفض حزب الأمة التصعيد ضد المجلس دليلا على تصدعات داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، لأن ما أعلنه المهدي -من وجهة نظرها- “هو ما ظل يعبر عنه في مواقف كثيرة مشابهة، لكنه في نهاية الأمر يلتقي مع قوى التغيير بأن العمل الجماهيري السلمي هو سبيل التغيير المنشود”.

وتقر النوراني بأن هناك تباينا في وجهات النظر بين مكونات قوى الثورة، لأن تركيبة التحالف تضم مهنيين وسياسيين وقوى مجتمع مدني وغير ذلك من فئات المرأة والشباب، وأنه “من الطبيعي أن تنظر تلك الكيانات للقضايا مثار النقاش من زاويا مختلفة، دون أن يغيب الهدف الأساسي للتحالف ممثلاً في حلم الدولة المدنية”.

ولا تستبعد أن تمر قوى إعلان الحرية والتغيير “بمطبات كتلك التي وقع فيها التجمع الوطني الديمقراطي” التحالف السابق لقوى المعارضة، بيد أنها ترى فروقا بين تجربة التجمع وتجربة قوى التغيير، وتقول إنها لن تُسلم تجربة قوى التغيير لما آلت إليه تجربة المعارضة في الخارج تحت مظلة التجمع.

فشل إدارة الصراع

وأهم تلك الفروق من وجهة نظرها أن “قوى التغيير التي تعمل في الداخل تحظى بتأييد جماهيري كبير كان التجمع يفتقده في السنوات الأولى لعهد النظام السابق”.

أما المحلل السياسي طلال إسماعيل فلا يرى مستقبلاً لقوى إعلان الحرية والتغيير “بعد فشلها في التوصل لاتفاق مع المجلس العسكري حول ترتيبات المرحلة الانتقالية”.

ومن وجهة نظر إسماعيل، فإن ذلك التحالف “فشل في اختبار إدارة الصراع بعد سقوط البشير، وبالتالي سيكون مصيره التصدُّع مثلما حدث لقوى التجمع الوطني الديمقراطي”.

ويعدد المهددات التي قد تؤدي لتفكك التحالف بقوله إن “قوى إعلان الحرية والتغيير لا تمتلك مرجعية تنظيمية تتمكن من خلالها من حسم الخلافات الناشبة بين أطراف تحالفها العريض”، وإنها “لم تتمكن من تكوين المجلس القيادي، رغم مضي نصف العام على ظهورها في الساحة السياسية”.

ويضيف إسماعيل أن “قوى التغيير فشلت في تحصيل مكتسباتها من التفاوض مع المجلس العسكري حول ترتيبات المرحلة الانتقالية”.

وإذا أراد تحالف الثورة البقاء كتلة واحدة في المستقبل، فإن على بعض أطرافه -من وجهة نظر إسماعيل- “تقديم تنازلات واضحة تجاه كثير من القضايا”.

وأهم التحديات أمام تحالف الثوار هو التفاوض مع المجلس العسكري كسلطة أمر واقع، وأن تلك السلطة “ربما تلجأ لتشكيل حكومة بإسناد من تكوينات أخرى لا تلتقي مع قوى التغيير في البرامج والأهداف”.

فهم متقدم

ويرى علي تبيدي من تجمع الاتحاديين المعارض أن أغلب الناشطين في الحراك هم من شريحة الشباب الذين يؤمنون بدور وطني يمكن أن يقوم به الجيش في الثورة، وأن “عنف السلطة وحّدَ كلمة الشباب بما يضمن عدم تعرض قوى التغيير لتصدعات”، على حد قوله.

ويضيف تبيدي “لم يعد جسد التحالف يعاني من خلافات القدامى كما كان في السابق، وذلك بعد تقلُّص دورهم وبعد تغيُّر أساليب العمل وأدواته”.

وأما مستشار التنمية المستدامة وبناء القدرات الدكتور محمد الفاتح العتيبي فيقول للجزيرة إنه يرى تخبطًا في مواقف المجلس العسكري الانتقالي، لأنه مسيَّر من قوى خارجية هي السعودية والإمارات ومصر من جهة، ولأنه أسير لنفوذ رجالات النظام السابق الذين ما زالوا يحكمون من جهة أخرى، على حد قوله.

“ذلك التخبط” يتوقع العتيبي “أن يُسلم المجلس العسكري لنهاية مأساوية”. وفي المقابل يرى نجاح قوى التغيير في قيادة تجمع المهنيين في قيادة مسار الثورة لأنها “أضافت وسائل ثورية مبتكرة تتناسب مع الأحداث المتجددة”، و”أكبر تحد يواجه قوى الحرية والتغيير هو المشكل الاقتصادي، وأنها من الممكن أن تتعرض للخيانة من الداخل، ربما من داخل كيان التحالف نفسه”.

تغليب الوحدة

من جهته يستبعد الكاتب الصحفي قرشي عوض تصدّع جبهة قوى الحرية والتغيير، لأن القضايا المتفق عليها هي قضايا جوهرية “لا تستطيع أي من مكونات قوى التغيير التنصل منها، لأن النظام الذي تتطلع إليه قوى الثورة لا يتحقق دون تحقيق هذه المطلوبات، والتي تأتي في مقدمتها بالطبع وقف الحرب في كافة أرجاء السودان”.

ويضيف “من الصعب على أي مكون من مكونات قوى التغيير الخروج عن موجهات تصحيح مسار الدولة المشار إليها في ميثاق قوى الحرية والتغيير، لأنه لا يستطيع إقناع الجماهير بذلك”.

ويختم بقوله إن قوى التغيير بنجاحها في العمل الجماهيري السلمي، وبما لها من قدرة على تحريك الشارع، فإن تغييبها من المشاركة في أي حكومة لن يحقق الاستقرار المنشود للسودان.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق