الصحافة _ وكالات
أثار خبر تشييد منظمة ألمانية نصبا تذكاريا ومركزا تعليميا لـ”الهولوكوست” بجماعة أيت فاسكا قرب مدينة مراكش، موجة من الجدل داخل المغرب، كما اعتبر مناهضو التطبيع وبعض وجوه التيار السلفي الأمر جريمة تمس بسيادة المغرب.
وسبق للناشط الألماني، أوليفر بينكوفسكي الذي يشرف منذ شتنبر 2018، على تشييد هذا النصب التذكاري للهولوكوست، أن صرح لموقعنا يوم الجمعة الماضي، أن المنظمة تهدف إلى تكريم اليهود الذين قتلوا في معسكرات الاعتقال في أوروبا، وكذا “إظهار رعب الهولوكوست للمغاربة وتلاميذ المدارس واليهود من إسرائيل”، من خلال إنشاء متحف والعديد من المرافق الأخرى، بالإضافة إلى لوحات فنية تشبه تلك الموجودة في النصب التذكاري الألماني لليهود الذين قتلوا في أوروبا.
وبعد انتشار الخبر على نطاق واسع، قامت السلطات المحلية بإقليم الحوز بهدم البنايات التي شيدتها الجمعية الألمانية، وأشارت في بلاغ لها أصدرته يوم الاثنين الماضي إلى أن المصالح المختصة لم تصدر أي ترخيص لإقامة أي مشروع، وأكدت أن “أي مشروع من هذا النوع تخضع للمساطير القانونية وتستلزم الحصول على التراخيص الإدارية الجاري بها العمل”.
وسارع العديد من الحقوقيين إلى إعلان غضبهم، حيث أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بلاغا قالت فيه أن المنظمة الألمانية قامت “بالتحايل على الرأي العام وساكنة المنطقة، وحتى لا يثير المشروع حفيظة الساكنة والحركة الديمقراطية والرأي العام الوطني، روجت الجهات المشرفة على عملية البناء، أنها بصدد بناء منتزه للإستجمام والترويح ومنتجعا سياحيا”، فيما اعتبر مناهضو التطبيع وبعض وجوه التيار السلفي الأمر جريمة تمس بسيادة المغرب.
من جهته أكد أوليفر بينكوفسكي، أن الأمر كله مجرد سوء فهم، وقال في تصريح خص به موقع يابلادي يوم أمس الأربعاء إن “المغاربة لم يفهموا المشروع”، معبرا عن خيبة أمله من الشائعات التي ربطت عمله بإسرائيل و “الدعاية الصهيونية”، مشيرا إلى أن منظمته “لاعلاقة لها بذلك”.
وتابع الناشط الألماني قائلا، “أنا لست يهودي، ولم يسبق لي قط أن زرت إسرائيل”، مشددا على أن نصبه التذكاري والمشاريع الأخرى المتعلقة بملكية آيت فاسكا هي “أعمال فنية”، وأضاف أن المشروع لا يتعلق باليهود فقط، بل إنها منصة تضم ستة مشاريع يمكن للناس تتبعها من خلال برنامج للبث المباشر قام بتصميمه.
وقال بينكوفسكي إنه كان سيتم تشييد منشآت أيضا لتكريم الأويغور المسلمين، وهم شعوب تركية ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية، بالإضافة إلى الفلسطينيين والمهاجرين واليهود من معسكرات الاعتقال.
وليست هاته المرة الأولى التي يتحدث فيها بينكوفسكيعن هذا البرنامج التفاعلي، إذ سبق له في سنة 2015 أن تحطرق لهذا المشروع خلال مؤتمر تيد في مراكش، والذي يهدف إلى تعريف ونشر الافكار الجديدة والمتميزة للعالم. وكتب موقع “تيد إكس مراكش” أن “بينكوفسكي ترك كل شيء في ألمانيا وقرر البدء في مسار آخر، على أمل تغيير حياة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم من خلال مشروع بيكسيل هيلبر (…)أول منصة مساعدة إنسانية مباشرة”.
وكانت أرضية آيت فاسكا تحتوي على 20 كاميرا لتصوير الأعمال المتعددة التي يصممها الناشط الألماني وفريقه. وتظهر الصور التي نشرها على حسابه الرسمي بفيسبوك وكذا على الموقع الرسمي للمنظمة الألمانية، أعمال تشكيلية على الجدران تعالج مجموعة من القضايا الإنسانية، وقال بينكوفسكي إنه “دافعت عن الأقليات” في بعض أعماله وحملاته، ومجموعة من القضايا الأخرى.
في سنة 2016، تصدر الناشط الألماني عناوين الصحف الألمانية، عندما استهدف عدة سفارات، ففي ماي من نفس السنة، ذكر موقع DW ، أن منظمة بيكسيل هيلبر ومؤسسها، عرض علم تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة اختصارا بـ “داعش”، مرفوقا بعبارة “داعش بنك” على واجهة مقر السفارة السعودية في برلين.
وخلال نفس الشهر، عادت المنظمة لتكرر نفس الشيء، حيث عرضت صورة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يرتدي شارة النازية وشارب على غرار أدولف هتلر، احتجاجا على اعتقال صحفيين في تركيا، حسب ما أورده موقع “ذا إنديبندنت”.
وقبلها في سنة 2014، قام الناشط الألماني بعرض “صورة كوميدية للرئيس الأمريكي بارك أوباما مرفوقة بعبارة يحتج فيها ضد وكالة الأمن القومي الأمريكية، بعد الكشف عن أنشطة تجسس على أشخاص في جمي أنحاء العالم، حسب ما أورده موقع “ذا فورج”. كما استهدف أيضا في إحدى الأعمال، مقر البنك المركزي الأوروبي في فراكفورت سنة 2015.
كما دافع الناشط الألماني في إحدى حملاته الأخيرة، عن المغرب وقضية الصحراء، حيث شن في أبريل 2019 حملة ضد جنوب إفريقيا وحزب الله و “إرهابي البوليساريو”، وذلك بعض عرض المنظمة صورا على سفارتي جنوب إفريقيا وسلوفاكيا في برلين وبوابة براندنبورغ، احتجاجا على دعم إيران وجنوب إفريقيا لـ “الإرهاب من خلال البوليساريو وحزب الله”.
وبعدها تم وصف منظمة بيكسل هيلبر من قبل مواقع مغربية على أنها “منظمة مبدعة تحارب الظلم الاجتماعي من خلال شبكة عالمية من الناشطين والفنانين باستخدام وسائل غير عادية ومبتكرة”.
وتقدم منظمة “بيكسل هيلبر” نفسها على أنها منظمة أقلية لحقوق الإنسان وغير ربحية مستوحاة من الحركة الماسونية، مشيرة إلى أن مؤسسها “ماسوني”، حسب ماذكرته المنظمة على موقعها الرسمي.