مدريد قلقة من صعود مغرب واثق يعيد رسم توازنات السيادة في غرب المتوسط

14 ديسمبر 2025
مدريد قلقة من صعود مغرب واثق يعيد رسم توازنات السيادة في غرب المتوسط

الصحافة _ كندا

يتصاعد في دوائر القرار والإعلام بإسبانيا شعور متزايد بالقلق إزاء التحركات الإقليمية للمغرب، في ظل ما يُنظر إليه كمسار استراتيجي جديد تقوده الرباط بثقة أكبر بعد التطورات الأخيرة المرتبطة بملف الصحراء المغربية.

هذا القلق لم يعد حبيس النقاشات الأكاديمية أو التقديرات الدبلوماسية الضيقة، بل أصبح حاضرا بقوة في الخطاب الإعلامي والسياسي الإسباني، خاصة في المناطق الأكثر حساسية مثل سبتة ومليلية وجزر الكناري.

وتذهب قراءات إسبانية إلى أن المغرب، بعد ما حققه من مكاسب دبلوماسية دولية، بات يتحرك بمنطق مرحلة جديدة لا تقتصر على تثبيت سيادته جنوبا، بل تمتد شمالا وغربا، في اتجاه مجالات تعتبرها مدريد ضمن ثوابتها السيادية.

هذا التحول يُقرأ في إسبانيا كدليل على شعور متنامٍ بالثقة داخل الخطاب المغربي، ترافق مع إعادة طرح قضايا ظلت لسنوات مؤجلة أو مطوقة بالحذر.

الصحافة الإسبانية تتحدث صراحة عن عودة مطالب مغربية قديمة، تشمل مدينتي سبتة ومليلية، وبعض الجزر والصخور الخاضعة للسيادة الإسبانية، إضافة إلى ملف المياه الإقليمية المحيطة بجزر الكناري.

غير أن أكثر ما يثير القلق في مدريد يبقى هو الملف البحري، خاصة بعد إقرار المغرب لقوانين ترسيم حدوده البحرية، التي شملت المجال المحاذي للأقاليم الجنوبية. في إسبانيا، يُنظر إلى هذه الخطوة كتحرك أحادي يحمل أبعادا استراتيجية تتجاوز الجانب القانوني.

وتخشى مدريد من أن يؤدي تفعيل هذا التوجه إلى تضييق الخناق البحري على أرخبيل الكناري، بما قد يترتب عنه من آثار اقتصادية وجيوسياسية بعيدة المدى.

ويزداد هذا القلق مع بروز ملف جبل تروبيك البحري، وهو موقع بركاني غارق غني بالمعادن النادرة التي تُعد أساسية لصناعات المستقبل والطاقة النظيفة. بالنسبة لإسبانيا، لا يتعلق الأمر هنا بخلاف تقني، بل بمسألة سيادة وأمن استراتيجي.

ولا يقتصر التوتر على البحر وحده، إذ يظل المجال الجوي للصحراء المغربية نقطة حساسة أخرى. فرغم انسحاب إسبانيا الإداري من الإقليم منذ عقود، فإنها لا تزال تشرف على تسيير الحركة الجوية فيه بقرار دولي انطلاقا من جزر الكناري. هذا الوضع، الذي تعتبره مدريد عاملا للاستقرار، تنظر إليه الرباط باعتباره امتدادا غير مبرر لنفوذ قديم، وتسعى إلى إنهائه في إطار استكمال سيادتها.

في الأوساط الإسبانية، يُنظر إلى أي استعداد سابق للحوار حول هذا الملف على أنه خطأ سياسي فتح المجال أمام مطالب مغربية أكثر جرأة، وكرس الانطباع بأن مدريد قد تكون قابلة لمزيد من التنازلات تحت ضغط العلاقات الثنائية.

وتفاقمت هذه المخاوف مع تقارير عن مناورات وتدريبات بحرية مغربية قرب جزر الكناري، اعتُبرت في بعض التحليلات رسائل سياسية بقدر ما هي تحركات عسكرية.

في المحصلة، تجد إسبانيا نفسها أمام معادلة معقدة: كيف تحافظ على علاقة مستقرة مع جار جنوبي قوي وطموح، دون أن تبدو في موقع المتراجع أو المفرط في ثوابته السيادية.

هذا السؤال بات محور نقاش واسع في مدريد، حيث يُنظر إلى التحركات المغربية الأخيرة كجزء من رؤية شاملة تعيد تشكيل موازين القوة في غرب المتوسط والأطلسي، وليس كمجرد ملفات منفصلة قابلة للاحتواء الظرفي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق