محمد السادس وقضية الصحراء… من منطق الدفاع إلى هندسة الحل السيادي

30 يوليو 2025
محمد السادس وقضية الصحراء… من منطق الدفاع إلى هندسة الحل السيادي

الصحافة _ كندا

منذ اللحظة التي اعتلى فيها جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة سنة 1999، شهدت السياسة الخارجية المغربية تحولا عميقا، اتسم بالحكمة وبعد النظر، وارتكز على الثبات في المواقف وتوسيع دائرة الشراكات الاستراتيجية، دون التفريط في المبادئ الوطنية الراسخة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

ففي عهد جلالة الملك، انتقل الملف من مربع الانفعال ورد الفعل، إلى ساحة الفعل الدبلوماسي الاستباقي، حيث لم يعد المغرب يدير الأزمة، بل بات يوجه مساراتها ويعيد تشكيل توازناتها. لم تعد الرباط تتحدث فقط عن السيادة، بل شرعت في هندسة واقع ميداني وقانوني وتنموي يجعل من الصحراء فضاء مغربيا بامتياز، غير قابل للمساومة.

لقد تبنت الدبلوماسية الملكية مقاربة متعددة الأبعاد، جعلت من مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مرجعية واقعية وذات مصداقية، تُجمع حولها اليوم القوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، فضلًا عن دول إفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية. والأهم أن هذا الزخم تُوّج بافتتاح أزيد من ثلاثين قنصلية عامة في العيون والداخلة، في تكريس قانوني صريح للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.

لكن معركة الصحراء لم تكن فقط في قاعات الأمم المتحدة أو مكاتب العواصم العالمية، بل على الأرض، في عمق المجال التنموي. فالنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي أطلقه جلالة الملك، ليس مجرد مخطط استثماري، بل هو إعلان سيادي عن إرادة سياسية لتجديد صلة الدولة بمواطنيها في الجنوب، عبر مشاريع عمرانية، وخدمات عمومية، وتأهيل بشري، وتثمين للثروات المحلية.

والأهم من كل ذلك، أن المشروع المغربي في الصحراء لم يُفرض من فوق، بل بُني من داخل، عبر تعزيز الجهوية الموسعة وإشراك الصحراويين أنفسهم في تدبير الشأن العام. فقد أفرزت الاستحقاقات الانتخابية نخبًا محلية منتخبة تمارس صلاحياتها بكفاءة، ضمن مؤسسات وطنية منتخبة ديمقراطيًا، في رد عملي على كل مزاعم الخصوم حول “تمثيلية الساكنة”.

إن ما تحقق اليوم في ملف الصحراء في عهد الملك محمد السادس، لا يُقاس فقط بعدد الاعترافات الدولية أو المواقف السياسية، بل بما أفرزته هذه المرحلة من إجماع وطني عميق، وقدرة المغرب على تصدير نموذجه التفاوضي والتنموي باعتباره البديل الوحيد القابل للتحقق.

إننا نعيش اليوم لحظة انتقال تاريخي لهذا الملف من خانة “النزاع المفتوح” إلى أفق “الحل الحاسم”، على قاعدة احترام سيادة المغرب ووحدته الترابية. ولئن كانت بعض الأصوات لا تزال تراهن على الزمن الضائع، فإن الزمن المغربي يمضي بثقة في النفس، وبقيادة ملكية حكيمة، نحو طي آخر فصول هذا النزاع المفتعل.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق