مجلس الجالية.. ولاية أبدية وميزانية تُهدر وعبد الله بوصوف المستفيد الأكبر

11 أغسطس 2025
مجلس الجالية.. ولاية أبدية وميزانية تُهدر وعبد الله بوصوف المستفيد الأكبر

الصحافة _ كندا

منذ تأسيسه سنة 2007، قدّم مجلس الجالية المغربية بالخارج نفسه كجسر رابط بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، وكمؤسسة دستورية هدفها ضمان الحقوق، والدفاع عن المصالح، وتعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية والثقافية لأكثر من خمسة ملايين مغربي يعيشون خارج الحدود. لكن بعد ما يقارب عقدين، يبدو أن هذا الجسر لم يُشَيَّد إلا على الورق، بينما الواقع يكشف عن مؤسسة مترهلة، غارقة في البيروقراطية، لا تنتج سوى البيانات العامة والخطابات الرنانة، ويستفيد منها المسؤولون أكثر مما يستفيد منها المعنيون بها: الجالية.

المهام المعلنة للمجلس على موقعه الرسمي توحي بهيئة نشيطة وفاعلة، منخرطة في التنمية السياسية للبلاد، ومهتمة بإشراك مغاربة العالم في الحياة الوطنية. لكن الحقيقة الفجّة أن هؤلاء المواطنين ما زالوا محرومين حتى من أبسط أشكال المشاركة السياسية المباشرة، وفي مقدمتها التصويت والترشح في الانتخابات الوطنية، رغم أن الدستور المغربي منحهم هذا الحق منذ سنة 2011. أي أن المجلس، الذي كان من المفترض أن يكون رافعة لهذه المشاركة، تحوّل إلى شاهد صامت على إقصاء دستوري معلن، بل وإلى جزء من المشكلة بدل أن يكون جزءاً من الحل.

أما في الجانب الاجتماعي، فيفاخر المجلس بأنه يسعى لضمان الحقوق والحفاظ على مصالح المغاربة المقيمين بالخارج، لا سيما في حالات الهشاشة أو الأزمات. لكن على الأرض، ما زالت صور جمع التبرعات عبر “الصينية” لإعادة جثمان مغربي توفي في المهجر تتكرر بشكل مهين، في وقت تصرف فيه الملايين من المال العام على مؤسسة عاجزة حتى عن إرساء صندوق تضامني يليق بكرامة مواطنيها بالخارج.

والأدهى من ذلك أن المجلس الذي أُنشئ لولاية أولى مدتها أربع سنوات، انتهت نظرياً في 2011، ما زال يشتغل إلى اليوم بولاية مفتوحة، دون تجديد قانوني أو مساءلة مؤسساتية، في خرق صارخ لمبدأ التداول والشفافية. هذا الوضع يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة: من يحاسب المجلس؟ من يراقب ميزانيته؟ ومن يقرر استمرار أمينه العام عبد الله بوصوف في منصبه إلى أجل غير مسمى؟

بوصوف، الذي يفترض فيه أن يكون في الميدان، قريباً من مشاكل الجالية وهمومها، يبدو أكثر انشغالاً بكتابة مقالات مديح ونشرها على المواقع الإلكترونية، بدل قيادة مبادرات عملية وملموسة لصالح من يدّعي تمثيلهم. وبينما تتراكم التحديات أمام مغاربة العالم في قضايا الإقامة والعمل والهوية، ينشغل أمينهم العام بمراكمة الحضور الإعلامي الشخصي، تاركاً المؤسسة رهينة لخطابات بلا أثر.

إن ما ينفق على مجلس الجالية من المال العام، في ظل هذا الأداء الهزيل، ليس سوى هدر للموارد، وشرعنة لبقاء مؤسسة بلا جدوى، تحولت إلى ملاذ مريح لمن يديرونها، بينما تبقى الجالية مجرد عنوان عريض يزين التقارير، دون أن تحصد أي فائدة حقيقية. وإذا كان المغاربة في الخارج قد فقدوا الثقة في المجلس، فإن استمرار هذا الوضع يعني شيئاً واحداً: أن الدولة تغض الطرف عن مؤسسة منتهية الصلاحية، لكنها ما زالت قائمة لخدمة قلة، على حساب ملايين.

وهكذا فإما أن يتم إصلاح مجلس الجالية جذرياً عبر تجديد هياكله، وتحديد ولاياته، وربطه بالمحاسبة الصارمة، أو أن يتم الإعلان بشجاعة عن نهاية مهمته، وإعادة توجيه الموارد إلى مؤسسات أكثر فاعلية وكفاءة. فالمجاملات والخطب الرنانة لن تعيد الحقوق، ولن تحل مشاكل الجالية، ولن تمحو عار ولاية بلا نهاية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق